وينقسم الناس ثلاثة أقسام: قسم مستحقون للثواب المحض، سالمون من العقاب، وهم السابقون وأصحاب اليمين، الذين أدوا الواجبات، وتركوا المحرمات، وتابوا مما جنوه من المخالفات.
وقسم مستحقون للعقاب المحض، والمخلدون في نار جهنم، وهم جميع من لم يؤمن بالرسل الإيمان الصحيح، من مشرك ومستكبر، وجاحد ومنافق، ويهودي ونصراني ومجوسي، وجميع من حكمت عليه النصوص الصحيحة بالخروج من الإسلام.
وقسم ثالث ظالمون لأنفسهم مخلطون، فهؤلاء من رجحت حسناته على سيئاته دخل الجنة ولم يدخل النار، وَمَنْ استوت حسناته وسيئاته فهم أهل الأعراف، وهو موضع عال مشرف على الجنة والنار، يقيمون فيه ما شاء الله تعالى، ثم يتداركهم المولى برحمته فيدخلهم الجنة.
ومَنْ رجحت سيئاته على حسناته، فلا بد من دخوله النار بقدر ذنوبه، ثم بعد ذلك يدخل الجنة إلا أن تحصل له شفاعة، فإنَّ الشفاعة لأهل الذنوب والمعاصي ثابتة، يشفع محمد –صلى الله عليه وسلم-، ويشفع الأنبياء، ويشفع خواص المؤمنين فيمن استحق النار أن لا يدخلها، وفيمن دخلها وأعماله تقتضي الزيادة على تلك المدة أن يخرج منها، ويخرج الله من النار أقوامًا برحمته.
وينصب الصراط على متن جهنم، يمر الناس عليه على قدر أعمالهم، فمن مرّ عليه فهو من الناجين، ولا يدع الله في النار أحدًا في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة خردل من إيمان، ويبقى فيها أهلها الذين هم أهلها خالدين أبدًا، لا يفتر عنهم عذابها.
وقد وصف الله تعالى عذاب النار وصفة أهلها بأفظع الأوصاف، وأنَّ الله يجمع لهم بين أصناف العقاب، يعذبهم بالنار المحرقة التي تطّلع على الأفئدة، وكلما احترقت جلودهم بُدّلوا جلودًا غيرها، ليعاد عليهم العذاب ويذوقوا شدته، وبالجوع المفرط والعطش المفرط.