٢)، وكلُّ واحد من هذه الثلاثة يقتضي كتابًا مطولاً وخصوصًا علم الأحكام، ولكن أتينا بمقاصدها ونصوصها من الكتاب، وجمعناها في فنِّها واختصرنا الكلام فيها اختصارًا لا يخل بالمقصود ولا يغلق العبارات، بل أتينا بذلك بعبارات واضحة ليس فيها حشو ولا تعقيد.
ونسأل المولى تعالى أن يعيننا على ذلك وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفعنا به وسائر إخواننا المسلمين، وأن يعفو عن خطئنا وتقصيرنا وإسرافنا في أمرنا، إنَّه جواد كريم. وسميته: " فتح الرحيم الملك العلاَّم في علم العقائد والأخلاق والأحكام" المستندة إلى كتاب الله الكريم نصًا واستنباطًا وتنبيهًا وإرشادًا.
النوع الأول من علوم القرآن
علم العقائد وأصول التوحيد
وهذا هو أشرف العلوم على الإطلاق وأفضلها وأكملها، وبه تستقيم القلوب على العقائد الصحيحة، وبه تزكو الأخلاق وتنمو، وبه تصح الأعمال وتكمل.
وموضوع هذا العلم البحث عما يجب لله من صفات الكمال ونعوت الجلال، وما يمتنع ويستحيل عليه من أوصاف النقص والعيب والمثال، وما يجوز عليه من إيجاد الكائنات وأنَّه الفعَّال لما يريد، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
وكذلك البحث عما يجب الإيمان به من الرسل وصفاتهم، وما يجب لهم ويمتنع في حقهم ويجوز، والإيمان بالكتب المنزلة على الرسل، والإيمان بما أخبر الله به وأخبرت به رسله عن الحوادث الماضية والمستقبلة، وعن الإيمان باليوم الآخر، والجزاء والثواب والعقاب، والجنة والنار، وما يتبع ذلك ويتعلق به.
فهذه مجملات مواضيع هذا العلم الجليل، والقرآن العظيم قد بيَّن هذه الأمور غاية التبيين، ووضَّحها توضيحًا لا يقاربه شيء من الكتب المنزلة، ولم يُبْقِ منها أصلاً إلا بيَّنه وجمع فيه بين البيان والبرهان، بيَّن المسائل المهمة الجليلة، والبراهين القاطعة العقلية والنقلية والفطرية.
وهذا النوع أقسام:
أولها ومقدَّمها: علم التوحيد