والكلام على التكبير في ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: في سببه ومحله:
أما سببه فقد روى عن البزى أن الأصل في ذلك أن النبي - ﷺ - انقطع عنه الوحي، فقال المشركون: قلا محمداً ربه، فنزلت سورة ( والضحى ) فقال النبي: ( الله اكبر ) تصديقا لما كان ينتظره من الوحي، وتكذيبا للكفار، وأمر - ﷺ - بعد ذلك أن يكبر إذا بلغ ( والضحى ) مع خاتمة كل سورة حتى يختم، تعظيما لله تعالى واستصحابا للشكر وتعظيما لختم القرآن، وقيل: كبر - ﷺ - لما رأى من صورة جبريل - عليه السلام - التي خلقه الله عليها عند نزوله بهذه السورة، فقد ذكر الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق أن هذه السورة التي جاء بها جبريل - عليه السلام - إلي رسول الله - ﷺ - حين ظهر له في صورته التي خلقه الله عليها ودنا إليه وتدلى منهبطا وهو بالأبطح. وهذا قوى جدا إذ التكبير إنما يكون غالبا لأمر عظيم أو مهول. رواه الحافظ أبو العلاء بإسناده إلي أحمد بن فرح عن البزى، وكذا وراه غيره، لكن قال الحافظ عماد الدين ابن كثير أنه لم يرو بإسناد يحكم عليه بصحة ولا ضعف، ومراده كما في النشر كون هذا سبب التكبير وإلا فانقطاع الوحي مدة أو إبطاؤه مشهور. وروى أيضا عن أحمد بن فرح قال: حدثني ابن أبي بزة بإسناده: أن النبي - ﷺ - أهدى إليه قطف عنب جاء قبل أوانه فأكل منه، فجاء سائل: فقال: أطعمونى مما رزقكم الله، قال: نسلم إليه العنقود، فلقيه بعض أصحابه فاشتراه منه وأهداه للنبي، فعاد السائل إلي النبي - ﷺ - فسأله فأعطاه إياه، فلقيه رجل آخر من الصحابة فاشتراه منه وأهداه للنبي، فعاد السائل فانتهره فانقطع الوحي عن النبي - ﷺ - أربعين صباحا، فقال المنافقون: قلا محمداً ربه، فجاء جبريل - عليه السلام - فقال: اقرأ يا محمد، قال: وما أقرأ، قال: أقرأ: ( والضحى )، فلقنه السورة، فأمر