والمراد بالقطع والسكت هنا في هذه الأوجه المذكورة الوقف المعروف، لا القطع الذي هو الإعراض، ولا السكت الذي هو دون تنفس، وهذا هو الصواب، ويزعم الجعبرى أن المقصود بالقطع في قولهم هو السكت المعروف كما زعم ذلك في البسملة، فقال في شرح قول الشاطبى: فإن شئت فاقطع دونه، أي فاسكت. ولو قالها لأحسن؛ إذ القطع عام فيه وفى الوقف. اهـ.
قال المحقق: وهو شئ انفرد به لم يوافقه أحد عليه، ولعله توهم ذلك من قول بعض أهل الأداء كمكي والداني حيث عبرا بالسكت عن الوقف فحسب أنه السكت المصطلح عليه، ولم ينظر آخر كلامهم ولا ما صرحوا به عقيب ذلك، وأيضا فإن المتقدمين إذا أطلقوه لا يريدون به إلا الوقف، وإذا أرادوا به السكت المعرفو قيدوه بما يصرفه إليه.
وإن وقع آخر السورة ساكن أو منون كسر لالتقاء الساكنين على أصله نحو: ( فارغب) الله اكبر و ( لخبير ) الله أكبر، وإن كان محركاً تركته على حاله وحذفت همزة الوصل لملاقاته نحو ( الحكمين ) الله اكبر، و ( الأبتر) الله أكبر، و ( عن النعيم ) الله أكبر، وإن وقع في آخرها هاء ضمير حذفت صلتها نحو: (ربه) الله اكبر، و( يره) الله اكبر، لما في وصلها من اجتماع ساكنين فحذف تخفيفاً.
وإذا وصلته بالتهليل الآتي ذكره إن شاء الله تعالى أبقيته على حاله، وإن كان منوناً أدغم في اللام نحو (حامية) لا إله إلا الله. ويجوز المد على (لا) للتعظيم على ما تقرر في محله.
* * *
المبحث الثاني: فيمن ورد عنه:
اعلم أن التكبير قد صح عن أهل مكة قرائهم وعلمائهم وأئمتهم وشاع ذلك عنهم واشتهر، بل قال الحافظ ابن الجزرى: أنه بلغ حد التواتر، وقد صح عن ابن كثير من روايتي البزى وقنبل. وقال الأهوازى: التكبير عند أهل مكة في آخر القرآن سنة مأثورة يستعملونه في قراءتهم في الدرس والصلاة. اهـ.