قومٌ رأوا بشرا كريما فادّعوا * من جهلهم بالله فيه حلولا
فكأنما جاء المسيح إليهم * ليكذبوا التوراة والأنجيلا
فاعجب لأمته التي قد صيرت * تنزيهها لإلهها التنكيلا
وإذا أراد الله فتنة معشر * وأضلهم رأوا القبيحَ جميلا
أسمعتُمُ أن الإله لحاجة * يتناول المشروب والمأكولا
و يمسه الألم الذي لم يستطع * صرفا له عنه ولا تحويلا
يا ليت شعري حين مات بزعمهم * من كان بالتدبير عنه كفيلا
زعموا الإله فدى العبيدَ بنفسه * وأراه كان القاتل المقتولا
وأُجِلُّ رُوْحًا قامت الموتى به * عن أن يُرَي بِيَدِ اليهود قتيلا
فَدعُوا حديث الصليب عنه دونكم * من كتبكم ما وافق التنزيلا
ثم تكلم البوصيري رحمه الله تعالي عما ورد في كتبهم مما يكذب الصَّلب والفداء الذي قامت عليه عقيدة النصارى، وبيَّن أن في كتبهم ما يناقض ذلك وينافيه.
* ثم نقول جوابا على شبهتهم وبالله التوفيق :
" ضراء " مضاف إليه مجرور وعلامة جره الفتحة لأنه ممنوع من الصرف. وسبب منعه من الصرف أنه مؤنث بألف التأنيث الممدودة.
قال أبو البركات الأنباري في " الإنصاف في مسائل الخلاف " (١/٤٠-٤١): " ولا خلاف أن ما في آخره ألف التأنيث أشد تمَكُّنا في الثأنيث مما في آخره تاء التأنيث، لأن ألف التأنيث صيغت الكلمة عليها، ولم تخرج الكلمة من تذكير إلي تأنيث، وتاء التأنيث ما صيغت الكلمة عليها، وأخرجت الكلمة من التذكير إلي التأنيث ؛ ولهذا المعني قام التأنيثُ بالألف في منع الصرف مقام شيئين ﴿أي عِلَّتين﴾ بخلاف التأنيث بالتاء " ا. هـ. وذكر نحوه أبو البقاء في " اللُّبَابِ في علل البناء والإعراب " (١/٥١١).
* وختاما نقول : من لم يعرف باب الممنوع من الصرف، كيف يتكلم في لغة العرب، فضلا عن أن يتكلم في إعجاز القرآن، والله الهادي، لا رب سواه، ولا إله غيره.
(١/٢٨)
الشبهة الحادية عشرة
قال الطاعنون بالباطل :


الصفحة التالية
Icon