فلما كبر سالم وبلغ مبلغ الرجال كان علي سهلة أن تحتجب منه، وكان علي سالم أن لا يدخل البيت إلا في وجود أبي حذيفة لئلا يخلو بها،
ــــــــــــــ
(١) قال الإمام الذهبي في النبلاء (١/١٦٨) :" إسناده جيد " ا. هـ
(١/٤٤)
والإسلام دين الرحمة الذي أمر بصلة الأرحام والعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، فأمرهم نبي الرحمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأمر يرضي الله تبارك وتعالي، ويحمي الأنساب ويحفظ الحرمات، ويراعي ويُطَيِّب نفس أبي حُذَيفة وامرأته الأم الرحيم التي ربت سالما طفلا صغيرا وكفلته وأعتقته، وزوَّجَهُ أبو حذيفة شريفةً قرشيةً هي ابنة أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة، وهذا من كمال إحسان الإسلام إلى الموالي والعبيد، فشَرْعُ الله تبارك وتعالي رحمةٌ كله ومصلحةٌ كُلُّهُ وخيرٌ كله، فأمَرَ محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذي أرسله الله رحمة للعالمين - سَهلةَ أن تُرضِعَ سالما ليزول ما في نفس أبي حذيفة ويصيرَ ابنًا لهما من الرَّضَاع، فجمع النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أداء حق الله تعالي وتعظيم حرماته، وبين إعطاء الإنسان حقه الذي أمر الله به من رحمته والإحسان إليه، فصلوات الله وتسليماته ورحماته وبركاته عليه، كما وَحَّدَ اللهَ وأَحْيا أمرَهُ ودعا إليه، والحمد لله علي نعمة الإسلام وكفي بها نعمة.
*** وأما طريقة الرضاع، فقد ذكر العلماء أنها - أي سهلة - حلبت اللبن في إناء ثم شربه سالم من الإناء بعد ذلك، وقد أجمع العلماء على عدم جواز إلقام المرأة ثديها للأجنبي الكبير.
قال الإمام أبو عُمَر بن عبد البر رحمه الله تعالي :" صفة رضاع الكبير أن يُحْلَبَ له اللبنُ ويُسقاه، أما أن تلقمه المرأة ثديها فلا ينبغي عند أحد من العلماء " ا. هـ. وبنحو ذلك قال القاضي عياض رحمه الله تعالي.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالي :" وهو حسن " ا. هـ.


الصفحة التالية
Icon