ومن الطبيعي أن الحضارات غير الإسلامية تطرح أسئلتها لفهم مبادئ الدين الإسلامي وتقارن بين ثقافتها والثقافة الإسلامية. ولكن الباحث المنصف ينبغي ألا يتأثر بالآراء الاجتماعية والثقافية والتي هي منتشرة في المجتمع الذي يعيش فيه. كما يجب أن تكون دراساته خالية من التحيز الفكري ومبنية على المناهج العلمية السليمة. وللأسف لا يمكن القول بهذا عن معظم كتابات المستشرقين السوفيتيين والروس. بل ليس بينهم من أنصف في موقفه من القرآن الكريم أو الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم. وقد أعجب بعضهم بمواهب النبي ﷺ ونتائج دعوته المباركة. وبعضهم أثنوا على أسلوب القرآن وقدَّر لغته تقديرا عاليا. ومع ذلك وقف هؤلاء المستشرقون موقفا انتقاديا فيما يختص بالإسلام وعلومه.
ومن الملاحظ أن ريزفان يعترف بأن الدراسات القرآنية تأثرت بمواجهة العالم النصراني مع العالم الإسلامي على مدى القرون المتعددة وأنها تحمل الصبغة الدينية والفكرية السياسية(١). ومع ذلك فإن كتاب ((القرآن وعالمه)) غير خال من هذه الصبغة أيضا.
ويقول عبد الله محمد الأمين النعيم: ((إن فهم الإسلام حسب ما قدمته الدراسات الاستشراقية يدخل في علاقة مع تجارب الاستشراق الخاصة، بحيث لا يمكن فصل طرحهم بمعزل عن واقعهم الاجتماعي الذي أثّر فيهم. كما أن الاستشراق بتبعيته للمؤثرات الخارجية يفقد الصفة العلمية التي يدعيها، ويجعل منه مجرد أداة في أيدي الدول الغربية، إذ إنه يكشف - حينها - عن عقلية الغرب أكثر مما يكشف عن الموضوع المدروس))(٢).
(٢) عبد الله محمد الأمين النعيم. الاستشراق في السيرة النبوية. دراسة تاريخية لآراء وات وبروكلمان وفلهاوزن مقارنة بالرؤية الإسلامية، ص. ١٩.