كان نسخ القرآن في المصاحف في زمن عثمان بن عفان ؟ تحقيقًا لوعد الله ؟ بحفظ كتابه العزيز، قال تعالى: } إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {،(١) فقد وحَّد هذا الجمع صف المسلمين وكلمتهم، وردَّ عنهم ما كان محدقًا بِهم من الفتنة العظيمة، واجتث بذور الشقاق من بينهم.
ومِمَّا سبق ذكره من خطة عمل الصحابة في جمع القرآن زمن عثمان يتبين لنا مزايا ذلك الجمع المبارك،(٢) ويمكن تلخيص بعضها فيما يأتي:
١. مشاركة جميع من شهد الجمع من الصحابة فيه، وإشراف الخليفة عليه بنفسه.
٢. بلوغ من شهد هذا الجمع وأقرّه عدد التواتر.
٣. الاقتصار على ما ثبت بالتواتر، دون ما كانت روايته آحادًا.
٤. إهمال ما نسخت تلاوته، وما لم يستقرَّ في العرضة الأخيرة.(٣)
٥. ترتيب السور والآيات على الوجه المعروف الآن، بخلاف صحف أبي بكر ؟، فقد كانت مرتبة الآيات دون السور.
٦. كتابة عدد من المصاحف يجمع وجوه القراءات المختلفة التي نزل بِها القرآن الكريم.
٧. تجريد هذه المصاحف من كل ما ليس من القرآن، كالذي كان يكتبه بعض الصحابة من تفسير للفظ، أو بيان لناسخ أو منسوخ، أو نحو ذلك.
ولقد حظي الجمع العثماني برضى من شهده من أصحاب النَّبِيّ ؟ والتابعين، وقطع الله به دابر الفتنة التي كادت تشتعل في بلاد المسلمين، إذ جمعهم ؟ على ما ثبتت قرآنيته، فانتهى بذلك ما كان حاصلاً من الاختلاف بين المسلمين.
عن مصعب بن سعد قال: أدركت الناس حين شقَّق عثمان ؟ المصاحف، فأعجبهم ذلك، أو قال: لم يعِبْ ذلك أحدٌ.(٤)
وقد عُدَّ جمعُ القرآن في المصاحف في زمن عثمان ؟ من أعظم مناقبه.
فعن عبد الرحمن بن مهديٍّ(٥) قال: خصلتان لعثمان بن عفَّانَ ليستا لأبي بكر، ولا لِعُمَرَ: صبرُهُ نفسَه حتَّى قُتِل مظلومًا، وجمعُهُ الناسَ على المصحف.(٦)