وقد نقل الإمام الجعبري، وغيره إجماع الأئمة الأربعة على وجوب اتِّباع رسم المصحف العثماني.(١٧)
وفيما يأتي أقوال بعض فقهاء المذاهب الأربعة في هذه المسألة:
- الأحناف:
قال في المحيط البرهاني: إنه ينبغي ألا يكتب المصحف بغير الرسم العثماني.(١٨)
- المالكية:
سئل مالك رحمه الله: هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء؟ فقال: لا، إلا على الكتبة الأولى.(١٩)
قال السخاوي: والذي ذهب إليه مالكٌ هو الحقُّ، إذ فيه بقاء الحالة الأولى، إلى أن تعلمها الطبقة الأخرى، ولا شك أن هذا هو الأَحرى بعد الأُخرى، إذ في خلاف ذلك تجهيل الناس بأولية ما في الطبقة الأولى.(٢٠)
قال أبو عمرو الداني: ولا مُخالف لِمالكٍ من علماء الأمة في ذلك.(٢١)
وقال أبو عمرو الداني أيضًا: سئل مالك عن الحروف تكون في القرآن مثل الواو والألف، أترى أن تُغَيَّر من المصحف إذا وُجدت فيه كذلك؟ قال: لا.(٢٢)
قال أبو عمرو: يعني الواو والألف الزائدتين في الرسم، المعدومتين في اللفظ، نحو الواو في: } أولئك ﴿، و﴾ أولات ﴿، و﴾ الربوا ﴿، ونحو الألف في: ﴾ لن ندعوَا ﴿ و﴾ لأَاوْضَعُوا {.(٢٣)
- الشافعية:
قال الشيخ سليمان الجمل: (الربا) تكتب بِهما، أي: الواو والألف معًا، فتكتب الواو أولاً في الباء، والألف بعدها، وهذه طريقة المصحف العثماني، وقوله: "وبالياء"، أي: في غير القرآن؛ لأن رسمه سنةٌ متبعة.(٢٤)
- الحنابلة:
قال الإمام أحمد بن حنبل: يحرم مخالفة مصحف الإمام في واوٍ أو ألفٍ أو ياء، أو غير ذلك.(٢٥)
المذهب الثاني: أن رسم المصاحف اصطلاحي لا توقيفي، وعليه فتجوز مخالفته.
ومِمَّن جنح إلى هذا الرأي وأيده ابن خلدون في مقدمته، والقاضي أبو بكر في الانتصار، وشيخ الإسلام ابن تيمية.(٢٦)
واستدل القائلون بِهذا الرأي بأدلة منها:
١. أن الرسوم والخطوط ما هي إلا علامات وأمارات، فكل رسمٍ يدل على الكلمة، ويفيد وجه قراءتِها، فهو رسم صحيح.