وكذلك كتابتهم تاء التأنيث بالتاء المفتوحة في بعض المواضع نحو (امرأت)، و(رحمت)، و(نعمت)، فيقف عليها جمهور القراء بالتاء، ولو كتبت بالهاء المربوطة، لَتَغَيَّرَ حكمُ الوقف عليها.(١٤)
قال السيوطي: أجمعوا على لزوم اتباع رسم المصاحف العثمانية في الوقف إبدالاً وإثباتًا وحذفًا، ووصلاً وقطعًا، إلا أنه ورد عنهم اختلافٌ في أشياء بأعيانِها، كالوقف بالهاء على ما كتب بالتاء، وبإلحاق الهاء فيما تقدم وغيره، وبإثبات الياء في مواضع لم تُرسَم بِها... ثم قال: ومن القراء من يتبع الرسم في الجميع.(١٥)
قال الزركشي: ومن الدليل على عرفان القدماء من الصحابة وغيرهم ذلك - كتابتهم المصحف على الذي يعلله النحويون في ذوات الواو والياء، والهمز والمد والقصر، فكتبوا ذوات الياء بالياء، وذوات الواو بالواو، ولم يصوروا الهمزة إذا كان ما قبلها ساكنًا، نحو: } الْخَبْءَ ﴿ و﴾ دِفْءٌ {، فصار ذلك كله حجةً.(١٦)
كما أنه قد يُعترَض على القول بالتوقيف باعتراضين:
أحدهما: كيف كان للنَّبِيّ ؟ أن يوقف الصحابة على ما يكتب في المصاحف مع كونه أميًّا؟
ويجاب عن ذلك بأن الأمية لم تكن عيبًا فيه ؟، وقد كان من الذكاء والفطنة بحيث يستطيع أن يوجههم إلى مثل ذلك.
فقد كان النَّبِيّ ؟ مع أميته يعرف أسماء الحروف، وهذا مِمَّا يَجهله الأمي.
فعن عَبْد اللهِ بْن مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ؟: مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لاَ أَقُولُ (الم) حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلاَمٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ.(١٧)
على أنه قد صح الخبر بِما يدل دلالة قوية على أنه ؟ قد علم الخط والكتاب بعدما بُعِثَ.


الصفحة التالية
Icon