السابع: أننا لو سلَّمنا أن أُبَيًّا كان يعتقد أن القنوت من القرآن، فقد ثبت أنه رجع إلى حرف الجماعة، واتفق معهم، والدليل على ذلك قراءته التي رواها نافع وابن كثير وأبو عمرو، وغيرهم، وليس فيها سورتا الحفد والخلع -كما هو معلوم،(١٦) كما أن مصحفه كان موافقًا لمصحف الجماعة.
قال أبو الحسن الأشعري: قد رأيت أنا مصحف أنسٍ بالبصرة، عند قومٍ من ولدِه، فوجدتُه مساويًا لمصحف الجماعة، وكان ولد أنسٍ يروي أنه خطُّ أنسٍ وإملاء أُبَيٍّ.(١٧)
الشبهة الرابعة: دعوى تصرف مروان في قراءة الفاتحة(١٨)
جاء في بعض الآثار أن مروان بن الحكم(١٩) كان أول من قرأ قوله تعالى: } مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴿ بدون ألف.(٢٠)
فعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ؟ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ يَقْرَؤُونَ: ﴾
مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴿ وَأَوَّلُ مَنْ قَرَأَهَا: ﴾ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴿ مَرْوَانُ.(٢١)
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ أيضًا أنه بلغه أنَّ النَّبِيَّ ؟ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ ومعاوية وابنه يزيد كانوا يَقْرَؤُونَ: ﴾
مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴿ قال الزُّهْرِيُّ: وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ: ﴾ مَلِكِ ﴿ مَرْوَانُ.(٢٢)
فزعم بعض الطاعنين على نقل القرآن أن مروان قد فعل ذلك من تلقاء نفسه، وأنه حذف الألف دون أن يَرِدَ ذلك عن النَّبِيّ ؟، فضلاً عن أن يتواتر عنه.
ويجاب عن هذه الشبهة بوجوه:
الأول : أن هذا كذب فاضح، لا حجة عليه، فإن الآثار الواردة في هذا ليس فيها أن مروان قد فعل من تلقاء نفسه دون ورود القراءة به عن النَّبِيّ ؟، وإنما غاية ما فيها أنه كان يقرأ دون ألفٍ.
الثاني: أن قول الزهري إن مروان كان أول من قرأ ﴾
مَلِكِ {، لا يعدو أن يكون خبرًا شخصيًّا لم يسنده إلى من قبله من الصحابة ؟، وعدم علم الزهري بِهذه القراءة -على فرض التسليم به- لا يجعلها غير متواترة.


الصفحة التالية
Icon