المبحث الأول: نزول القرآن على سبعة أحرف
نزول القرآن على سبعة أحرف من الموضوعات الشائكة، ولكن لا بد لنا في هذا البحث من طرق بعض مسائله، للحاجة إليها في مسألة من أهم مسائل هذا البحث، وهي هل جمع القرآن على الأحرف السبعة، أو على حرف واحد؟
فلا بد لنا من ترجيح كفة أحد الأقوال في المراد بالأحرف السبعة لنبني عليه الحكم في هذه المسألة الجليلة الخطر.
المبحث الأول: نزول القرآن على سبعة أحرف
أنزل الله القرآن على نبيه ؟ بلسان عربيٍّ مبين، قال ؟: } إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْءانًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿،(١) وقال: ﴾ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴿.(٢)
وكان ابتداء نزول القرآن على لسان قريش، إذ كانوا قوم النَّبِيّ ؟، وقد قال تعالى: ﴾ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ {،(٣) وكانوا كذلك أوسط العرب دارًا ولسانًا، فقد كانت تأتيهم وفود العرب في مواسم الحج، وكانت تقام الأسواق للفصاحة والبيان حول الحرم،(٤) وكانت العرب تتحاكم إلى قريش لفصاحتها وحسن لغاتِها ورقة ألسنتها، وكانوا إذا أتتهم الوفود تخيروا من كلامهم وأشعارهم أحسن لغاتِهم وأصفى كلامهم، فصاروا بذلك أفصح العرب.(٥)
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلاَثَةِ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا ذَلِكَ.(٦)
قال القاضي الباقلاني: ومعنى قول عثمان: إنه أنزل بلسان هذا الحي من قريش، أي: معظمه وأكثره نزل بلغتها.(٧)
وقال أبو شامة: يحتمل أن يكون قوله: نزل بلسان قريش، أي: ابتداء نزوله، ثم أبيح أن يقرأ بلغة غيرهم.(٨)