ويُرَدُّ هذا القول بأنه لا يلزم من مجرد الاشتراك اللفظي الإشكال الصارف عن إدراك معنى المقصود؛ لأن المشترك اللفظي يترجح أحد معانيه بقرينة لفظية أو حالية.
وقد قامت القرائن على تعيُّن أحد المعاني، ومنع ما عداه، فلا يصح إرادة الكلمة هنا، لأن القرآن مؤلف من كلمات كثيرة، وليس من سبع فقط، ولا يصح إرادة المعنى، لأن معاني القرآن كثيرة جدًّا تفوق الحصر، ولا يصح إرادة حرف الهجاء، لأن القرآن مشتمل على جميع حروف الهجاء، لا على سبعة منها فقط، فتعيَّن أن المراد بالحرف هنا هو الجهة، وبذلك يبطل القول بإشكال معنى الحديث.
كما يُرَدُّ بِما ثبت في نص الحديث من أن النَّبِيّ ؟ أُمِر أن يقرئ أمته بِهذه الأحرف، وأنه قد فعل، وأمر أمته أن تقرأ القرآن بِها، وقد فعلت، فقرأ الصحابة ؟ على هذه الأحرف، فهي معلومة لدى الكثير منهم، فلا يعقل أن يكون الحديث مع كل ذلك من المتشابه الذي لا يُدرى معناه.
ويُرَدُّ أيضًا بأن الحديث نص على أن الحكمة من إنزال الأحرف السبعة هو التيسير على الأمة، فكيف يتحقق التيسير بشيء مجهول؟!
القول الثاني: أن حقيقة العدد غير مرادةٍ، وذلك لأن لفظ السبعة يطلق في لسان العرب ويراد به الكثرة في الآحاد، كما يطلق لفظ السبعين ويراد به الكثرة في العشرات، ولفظ السبعمائة ويراد به الكثرة في المئات.
وهو مذهب القاضي عياض ونحى هذا المنحى القاسمي، والرافعي.(٥)
ويردُّ هذا القول أن الأحاديث الواردة في هذا الأمر صريحة في إرادة حصر العدد في السبعة، ففيها استزادة الرَّسُول ؟ من جبريل الأحرف حرفًا حرفًا، وهذا قرينة على أن المرادَ العددُ الآحادُ الواقعُ بين الستة والثمانية.(٦)
القول الثالث: أن المقصود سبعة أصناف من المعاني والأحكام، وهي: الحلال والحرام، والأمر والزجر، والمحكم والمتشابه، والأمثال.


الصفحة التالية
Icon