وقال القاضي أبو بكر الباقلاني: ترتيب الآيات أمر واجبٌ، وحكم لازمٌ، فقد كان جبريل يقول: ضعوا آية كذا في موضع كذا.(٣٥)
وقال في الانتصار: الذي نذهب إليه أن جميع القرآن الذين أنزله الله وأمر بإثبات رسمه، ولم ينسخه، ولا رفع تلاوته بعد نزوله هو الذي بين الدفتين، الذي حواه مصحف عثمان ؟، وأنه لم ينقص منه شيء ولا زيد فيه شيء، وأن ترتيبه ونظمه ثابتٌ على ما نظمه الله تعالى، ورتب عليه رسوله من آي السور، لم يقدم من ذلك مؤخر، ولا أخر منه مقدم... (٣٦)
وقال أيضًا: ولا خلاف أن ترتيب آيات كل سورة -على ما هي عليه الآن في المصحف- توقيف من الله تعالى، وعلى ذلك نقلته الأمة عن نبيها ؟. ـ(٣٧)
والنصوص التي تدل على ذلك كثيرة، منها: حديث عثمان بن أبي العاص، وحديث عثمان بن عفان، وحديث زيد بن ثابت السابقة قريبًا.
ومنها الأحاديث في خواتيم سورة البقرة، فمنها:
عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ الأَوَاخِرُ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ؟ فَتَلاهُنَّ فِي الْمَسْجِدِ فَحَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ.(٣٨)
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ؟: أُعْطِيتُ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ بَيْتِ كَنْزٍ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ، لَمْ يُعْطَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْلِي.(٣٩)
وعَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ(٤٠) أَنَّ رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: إِنَّ اللهَ خَتَمَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ بِآيَتَيْنِ أُعْطِيتُهُمَا مِنْ كَنْزِهِ الَّذِي تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَعَلَّمُوهُنَّ وَعَلِّمُوهُنَّ نِسَاءكُمْ فَإِنَّهُمَا صَلاةٌ وَقُرْآنٌ وَدُعَاءٌ.(٤١)
ومنها ما رواه مسلم عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ ؟ قَالَ: مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْف عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ.(٤٢)


الصفحة التالية
Icon