وأما الفريق الثالث القائل بالتفصيل، فيجاب بنفس الأجوبة، إذ لم يأت بدليل جديد، كما يرد عليهم أيضًا بأن العلم بتوقيف البعض يدل على التوقيف في الكل، إذ لو علم الصحابة التوقيف لَما فاتَهم أن يسألوا عن كل سورة بعينها، والنبي ؟ حَيٌّ بين أظهرهم، وإلا لكانوا -وحاشاهم- مقصرين في حفظ القرآن.
فإن قيل: إن الروايات الْمحتج بِها وأمثالها خاصة بِمحالِّها، ثم هي ظنية في الدلالة على كون الترتيب عن توقيف.
فالجواب أن إجْماع الصحابة على هذا الترتيب يدل على انسحاب ما دلت عَلَيْهِ هذه الروايات من الترتيب على كل القرآن، ويقطع الظن في دلالتها.
وإن قيل: إن الإجماع الذي استندتم إليه لا يدل على التوقيف في ترتيب جميع السور، لأنه لا يشترط أن يستند الإجماع إلى نص.
فالجواب أن أمر ترتيب السور لم يكن أمرًا حادثًا حتى يُقال إن الإجماع عليه لا يدل على نص بالتوقيف، بل إن أمرَ ترتيبِ سور القرآن معروفٌ من عهد النبي ؟، فلا يرد أن إجماعهم كان عن اجتهاد غير مستند إلى نص سابق.
(١) نكت الانتصار لنقل القرآن ص ٨٢، والبرهان (١/٢٥٧)، وفتح الباري (٨/٦٥٥).
(٢) البرهان في علوم القرآن - الزركشي (١/٢٥٨-٢٥٩).
(٣) نكت الانتصار لنقل القرآن ص ٨٢.
(٤) مناهل العرفان (١/٣٥٣).
(٥) الإتقان في علوم القرآن (١/١٨١-١٨٣)، والبرهان في علوم القرآن (١/٢٥٩)، ونكت الانتصار لنقل القرآن ص ٨١، ومناهل العرفان (١/٣٥٣).
(٦) رواه أحمد في المسند مسند العشرة المبشرين بالجنة (١/٩٢)ح ٤٠١، (١/١١١) ح ٥٠١، وأبو داود في كتاب الصلاة باب من جهر بها (١/٢٠٨-٢٠٩)ح ٧٨٦، والترمذي في كتاب تفسير القرآن باب سورة التوبة (٥/٢٧٢) ح ٣٠٨٦، وقال: حديث حسن.
(٧) نكت الانتصار لنقل القرآن ص ٨٢.
(٨) رواه البخاري في صحيحه كتاب فضائل القرآن باب تأليف القرآن (٨/٦٥٤) ح ٤٩٩٣.
(٩) انظر فتح الباري (٨/٦٥٥).


الصفحة التالية
Icon