- عن عكرمة قال: لَمّا كان بعد بيعةِ أبي بكر ؟، قعد عليُّ بن أبي طالبٍ في بيته، فقيل لأبي بكرٍ: قد كره بيعتكَ. فأرسل إليه فقال: أكرهت بيعتي؟ فقال: لا، والله. قال: ما أقعدك عني؟ قال: رأيت كتاب الله يُزاد فيه، فحدَّثت نفسي أن لا ألبَسَ ردائي إلا لصلاةٍ حتى أجمعه. فقال أبو بكر: فإنك نعمَ ما رأيتَ.(٨)
وهذا الحديث فيه انقطاعٌ، فعكرمة وُلِدَ سنةَ خمسٍ وعشرين من الهجرة،(٩) والحادثة المذكورة من تأخر عليٍّ في بيعة أبي بكر وقعت سنة إحدى عشرةَ.
كما أن فيه رائحة التشيع، إذ فيه أن المسلمين -وأكثرهم إذ ذاك من الصحابة- كانوا يزيدون في كتاب الله ما ليس منه، وحاشا لأصحاب النَّبِيّ ؟ أن يفعلوا ذلك.
وبتقدير صحته يُمكن أيضًا حمله على الجمع في الصدر، والحفظ عن ظهر قلب كما مرَّ، أو على أنه أراد أن يجرِّد مصحفه مِمَّا ليس من القرآن، كالتفسير والأحكام.
كما أنه قد قيل إنَّ جَمْعَ عليٍّ ؟ كان أشبه بكتاب علم، جمع فيه غير القرآن مع القرآن، وإذن فصُورتُه غير صورة الجمع البكري، وغرضُه غير غرضِهِ.
فقد روى هذا الخبر ابن أشتة في كتاب المصاحف من وجه آخر عن ابن سيرين، وفيه أنه كتب في مصحفه الناسخ والمنسوخ، وأن ابن سيرين قال: فطلبتُ ذلك الكتاب، وكتبتُ فيه إلى المدينة، فلم أقدر عليه.(١٠)
٣ - ما جاء أن أول من جمع القرآن عمر بن الخطاب ؟
عن الحَسَن أن عُمَر بن الخطاب سألَ عن آيةٍ من كتاب الله، فقيل: كانت معَ فلانٍ، فقُتل يوم اليمامة. فقال: إنا لله، وأمر بجمع القرآن فكان أول من جمعه في المصحف.(١١)
وإسناد هذا الأثر منقطع،(١٢) والظن أنَّها لا تعدو رواية البخاري التي أسلفناها، والتي تقرِّر أنَّ عمر هو فعلاً صاحب فكرة الجمع الأول، وأنه أشار بِها على أبي بكر، ولم يزل يراجعه حتى شرح الله صدره لها.