ولم يراع المؤلف أي ترتيب في القسمين الأولين، فقد ذكر في أولهما الرحمن، فالرحيم فالسلام، فالقيوم، فالسبوح.. وفي الثاني الجن والناس، فإبليس فالأنفس فالشرك.. إلخ. أما القسم الثالث فجعله أقساماً وفقاً للسور، وسار فيه على ترتيبها في القرآن.
ومنهج كتاب ابن قتيبة خليط من منهجي كتب اللغة وكتب التفسير، فهو يضم ظواهرهما معاً. فبينما يفسر الألفاظ لغوياً، ويستشهد عليها كثيراً بالأشعار والأحاديث وأقوال العرب، ويبين وزنها أحياناً، يفسرها قرآنياً، فيبين في السور المدني من المكي أحياناً، ويقتبس أقوال مشهوري المفسرين، وكثيراً ما أحال على كتابه في المشكل.
ووصل إلينا من كتب القرن الرابع كتاب محمد بن عزيز السجستاني الذي روى أبو البركات الأنباري أنه صنفه " في خمس عشرة سنة، وكان يقرؤه على شيخه أبي بكر بن الأنباري، فكان يصلح فيه مواضع" وقد طبع هذا الكتاب الأستاذ مصطفى عناني عام ١٩٣٦م وعنوانه " نزهة القلوب " ويختلف هذا الكتاب عن غريب ابن قتيبة كل الاختلاف، فلا مقدمة له يشرح فيها منهجه، ولا أقسام به، وإنما الألفاظ الغريبة ترتب وفقاً للحرف الأول منها وحده. وكان ابن عزيز يقسم الحرف الواحد في ترتيبه إلى ثلاثة أبواب، فيقدم المفتوح، ثم المضموم، ثم المكسور. ولا يعتبر الحرف الثاني وما بعده، فيورد الألفاظ المبدوءة بالحرف الواحد مختلطة في غير نظام والتفسير لغوي يكاد يكون خالصاً، فالنزهة مختصرة، تقع في ٢٣٠ صفحة من القطع الصغير ( مثل كتب الجيب ) والألفاظ تفسر تفسيراً سريعاً مختصراً، لا ترد فيه أسماء اللغويين ولا المفسرين ولا الشواهد. وقد أعجب به الباحثون، واعتبروا مؤلفه " أجاد فيه" فنظمه مالك بن المرحل المالقي (٦٩٩هـ) وألف أبو العباس أحمد بن عبد الجليل التدميري (٥٥٥هـ) كتاباً في شرح شواهده.


الصفحة التالية
Icon