ولعل سؤالا يرد هنا، وهو: ما وجه الصلة بين تفسير أو فهم دلالة الآية بالتكشيف؟ أجيب عن ذلك بأن التحليل الموضوعي المستخدم في عملية التكشيف الموضوعي يعتمد على فهم النص المراد تكشيفه، ومن ثم التعبير عن هذا النص بكلمات تدل عليه. وفي واقع الأمر فإن تحديد الدلالة الموضوعية للآية من القرآن يدخل ضمنا في عملية تفسير القرآن، وهناك تقارب واضح بين التفسير (أو استنباط دلالة الآيات) والتحليل الموضوعي لآيات القرآن الكريم. ومن المعلوم أن تحديد المراد من الآية أو دلالتها الموضوعية يتفاوت الناس فيه تفاوتا بينا. يقول ابن القيم (ت، ٧٥١هـ) في كتابه ‘إعلام الموقعين‘ أن " الناس متفاوتون في مراتب الفهم في النصوص، منهم من يفهم من الآية حكما أو حكمين، ومنهم من يفهم عشرة أحكام، أو أكثر من ذلك، ومنهم من يقتصر في الفهم على مجرد اللفظ دون سياقه، ودون إيمائه وإشارته وتنبيهه واعتباره... " (ج١: ص ٣٥٤). وفي موضع آخر يقول أن دلالة النصوص نوعان: حقيقة وإضافية، فالحقيقة تابعة لقصد المتكلم وإرادته، وهذه الدلالة لا تختلف. والإضافية تابعة لفهم السامع وإدراكه، وجودة فكره، وقريحته، وصفاء ذهنه، ومعرفته بالألفاظ ومراتبها، وهذه الدلالة تختلف اختلافا متباينا بحسب تباين السامعين - أو القارئين للنص - في ذلك " (ج١: ص ٣٥٠).


الصفحة التالية
Icon