وباختصار أقول : كل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك، فإذا توهم الإنسان أمراً لا يليق بالله، فليعلم رأساً أنه مخطئ، فهذه الآية هي مدح لله عزوجل، وليس فيها أي شيء لا يجوز نسبته إلى الله تبارك وتعالى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سؤال٦ : كيف نوفق بين هاتين الآيتين ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ )]ال عمران٨٥[، وقوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ )]المائدة٦٩[ ؟
الجواب : لا تعارض بين الآيتين كما يوهم السؤال، وذلك لأن آية الإسلام هي بعد أن تَبلُغً دعوةُ الإسلامِ أولئك الأقوام الذين وصفهم الله عزوجل في الآية الثانية ( فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) وذكر منهم الصابئة، والصابئة حينما يذكرون يسبق إلى الذهن أن المقصود بهم : عُباد الكواكب لكنهم -في الحقيقة- كل قوم وقعوا في الشرك بعد أن كانوا من أهل التوحيد فالصابئة كانوا موحدين، ثم عرض لهم الشرك وعبادة الكواكب، فالذين ذُكروا في هذه الآية هم المؤمنون منهم الموحدون، فهؤلاء قبل مجيء دعوة الإسلام هم كاليهود والنصارى، وهم ذُكروا أيضاً في نفس السياق الذي ذُكر فيه الصابئة فهؤلاء مَنْ كان منهم متمسكاً بدينه في زمانه، فهو من المؤمنين ( فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ).
ولكن بعد أن بعث الله عزوجل محمداً عليه الصلاة والسلام بدين الإسلام، وبلغت دعوة هذا الإسلام أولئك الناس من يهود ونصارى وصابئة، فلا يقبل منه إلا الإسلام.
إذاً قوله تعالى ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا ) أي : بعد مجيء الإسلام على لسان الرسول عليه الصلاة والسلام، وبلوغ دعوة الإسلام إليه، فلا يُقبل منه إلا الإسلام.