ولم يرد في أي من روايات الحديث تحديد للأحرف السبعة، قال أبو بكر ابن العربي :" لم تتعين هذه السبعة بنص من النبي – ﷺ -، ولا بإجماع من الصحابة، وقد اختلفت فيها الأقوال" (١). ولكن المتأمل في الروايات لا يخطئ تحديد موضوعها وهو قراءة القرآن، فالاختلاف الحاصل بين الصحابة كان في الألفاظ المسموعة، لا في المعاني المفهومة (٢). وقد قال محمد بن شهاب الزهري بعد روايته لحديث الأحرف السبعة :" بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحداً، لا يختلف في حلال ولا حرام" (٣)، وأخرج الطبري عن أبي العالية الرياحي (ت ٩٠هـ) أنه قال :" قرأ على رسول الله – ﷺ – من كل خمسٍ رجلٌ، فاختلفوا في اللغة، فرضي قراءتهم كلهم، وكانت بنو تميم أعرب القوم" (٤) بلفظ :" قرأ عند النبي "، والباقلاني في نكت الانتصار ( ص ٣٨٧) بلفظ :" قرأ عليه من كل حي رجل " ]. وهذا يدل على أن الصحابة اختلفوا في قراءة القرآن، ونزلت الرخصة بالتيسير عليهم في القراءة، ولم يختلفوا في المعاني والأحكام. (٥)
(٢) المهدوي : بيان السبب ص ١٤٤
(٣) أبو عبيد : فضائل القرآن ص ٣٣٥، وصحيح مسلم بشرح النووي ٦/١٠١، والطبري : جامع البيان ١/١٤
(٤) جامع البيان ١/١٩، ونقله أبو شامة في المرشد الوجيز ( ص١٣)
(٥) وردت رواية عن أبي مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم – أنه قال :" كان الكِتَاب الأول نزل من باب واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف : زاجر وآمر، وحلال وحرام، ومحكم ومتشابه، وأمثال " ( ينظر الطبري : جامع البيان ١/٣٠، والداني : الأحرف السبعة ص ٥٧، وأبو شامة : المرشد الوجيز ص ١٠٧) وقال ابن عبد البر ( التمهيد ٨/٢٧٥) :" هذا حديث عند أهل العلم لم يثبت.... وهذا الحديث مجتمع على ضعفه من جهة إسناده، وقد رده قوم من أهل النظر ". وبيَّن عدد من العلماء أن هذا الحديث لا علاقة له بالرخصة في قراءة القرآن المذكورة في حديث الأحرف السبعة ( ينظر : الأندرابي : الإيضاح ص ٦١ – ٦٢، وأبو شامة : المرشد الوجيز ص ١٠٨، وابن الجزري : النشر ١/٢٥، والسيوطي : الإتقان ١/١٣٦)