ويلخص الدكتور إبراهيم أنيس هذه القضية بقوله :" فلا بد أن تشترك لهجات اللغة الواحدة في الكثرة الغالبة من الكلمات ومعانيها، وفي معظم الأسس التي تخضع لها بنية الكلمات، وفوق هذا وذاك في تركيب الجمل، فإذا اختلفت معاني معظم كلماتها، واتخذت أسساً خاصة في بنية كلماتها، وقواعد خاصة في تركيب جملها، لا تسمى حينئذ لهجة، بل لغة مستقلة، وإن ظلت تتصل وغيرها بوشائج تجعلها تنتمي إلى فصيلة واحدة من الفصائل اللغوية " (١)، فالقول بوجود هذا الاختلاف في الألفاظ المستخدمة في اللهجات العربية للتعبير عن المعاني أمر لا يتناسب وطبيعة اللغات البشرية وسننها.
وإذا كانت القراءات القرآنية جميعها، مشهورها، وشاذها، ناتجة من رخصة الأحرف السبعة، فينبغي البحث عن تفسير الأحرف السبعة في إطار الاختلاف بين القراءات، وإذا كان القرآن الكريم قد نزل بلغة قريش ثم جاءت الرخصة بعد ذلك في التيسير بقراءته بما اعتادوا عليه من لهجاتهم، فظهرت القراءات، فإن الأحرف السبعة لا تخرج عن صور التباين بين اللهجات العربية، ولهذا وجدنا أنظار علماء السلف في تفسير الأحرف السبعة تتجه نحو لغات العرب، وإن اختلفت وجهات نظرهم في ذلك.
وإذا كانت محاولات تحديد الأحرف السبعة كلها لا تخلو من اعتراض، فهل من الضروري الإصرار على تعيين السبعة ؟ وصرف الجهد في تأييد قول وردِّ الأقوال الأخرى ؟ والنتيجة في النهاية واحدة، هي أن هذه القراءات ناتجة من تلك الرخصة.
ولعل مثل هذا الشعور هو الذي حمل طائفة من علماء السلف على القول بأنه من المُشْكِل، ومرَّ من قبل قول السيوطي :" المختار أن هذا من متشابه الحديث الذي لا يدرى تأويله، والقدر المعلوم منه تعدد وجوه القراءات" (٢).

(١) في اللهجات العربية ص ١٨
(٢) الديباج ٢/٤٠٩


الصفحة التالية
Icon