لا بد للباحث عن أصل القراءات القرآنية من تحديد اللغة التي أنزل بها القرآن الكريم، ومن البديهي القول إن القرآن انزل باللغة العربية، وقد أكدت ذلك آيات كثيرة، أذكر منها قوله تعالى :﴿ وإنه لتنزيل رب العالمين، نزل به الروح الأمين، على قلبك لتكون من المنذرين، بلسان عربي مبين ﴾ [ الشعراء ١٩٢ – ١٩٥] لكن العرب " وإن جَمَع جميعها اسم ٌ أنهم عرب، فهم مختلفو الألسن بالبيان، متباينو المنطق والكلام " (١) فهل نزل القرآن بألسن العرب جميعها، أم بألسن بعضها ؟
اختلف العلماء في الإجابة على هذا التساؤل على قولين، منهم من قال : نزل القرآن بلغة جميع العرب، لأن اسم العرب يتناول الجميع، ومنهم من قال : نزل القرآن بلسان قريش خاصة، لأنهم قوم النبي – ﷺ – وعشيرته.
وانعكس هذا الاختلاف على تفسير قوله تعالى :﴿ وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ﴾ [ إبراهيم ٤] فذهب البعض إلى القول: إن القرآن أنزل بلسان جميع العرب (٢) وذهب الأكثرون إلى نزوله بلغة قريش، قال الآلوسي :" وكون المتبادر من ( قومه) - عليه الصلاة والسلام – مما لا أظن أن أحداً يمتري فيه، ويليه في التبادر العرب ". (٣)

(١) الطبري : جامع البيان ١/١١
(٢) ينظر : أبو شامة : المرشد الوجيز ص ٩٤، وابن حجر : فتح الباري ٩/١٠
(٣) روح المعاني ١٣/١٨٦


الصفحة التالية
Icon