١٦٧٢- وعن محمد بن عكاشة قال: أخبرني معاوية بن حماد الكرماني، عن الزهري قال: من اغتسل يوم الجمعة، ثم صلى ركعتين وقرأ فيهما بـ ﴿قل هو الله أحد﴾ ألف مرة، خمسمائة في كل ركعة رأى النبي ﷺ في منامه.
قال محمد: فدمت عليها أغتسل كل ليلة جمعة، وأصلي ركعتين أقرأ فيها ﴿قل هو الله أحد﴾ ألف مرةٍ طمعاً أن أرى النبي ﷺ في المنام، فأعرض عليه هذه الأصول، فأتت علي ليلة باردة فاغتسلت وصليت ركعتين، فلما فرغت منهما وكان قريباً من الفجر، فاستندت إلى الحائط، ووجهي إلى القبلة، إذ دخل علي النبي ﷺ على النعت والصفة عليه بردتان من هذه اليمانية قد تآزر بإحداهما وارتدى بالأخرى، فجثى مستوفزاً على رجله اليسرى، وأقام اليمنى.
قال محمد بن عكاشة: فأردت أن أقول له: حياك الله. فناداني فقال لي: ((حياك الله))، وكنت أحب أن أرى رباعيته المكسورة فتبسم رسول الله ﷺ فنظرت إليه، فقلت: يا رسول الله صلى الله عليك، إن الفقهاء قد خلطوا علينا #١١٣٢# في الاختلاف، وعندي أصول من السنة أعرضها عليك؟ فقال: ((نعم)).
فقلت: الرضا بقضاء الله، والتسليم لأمر الله، والصبر على حكمه، والأخذ بما أمر الله به، والنهي عما نهى الله عنه، وترك المراء والجدال والخصومات في الدين، وإخلاص العمل لله، والمسح على الخفين، والجهاد مع كل خليفة، والجمعة مع كل بر وفاجرٍ، والصلاة على من مات من أهل القبلة سنة، والإيمان بالقدر خيره وشره، والقرآن كلام الله ليس بمخلوق، والصبر تحت لواء السلطان على ما كان فيه من عدل أو جورٍ، وأن لا يخرج على الأمراء بالسيف، وإن جاروا، والكف عن مساوئ أصحابك يا رسول الله، فلما قلت: ((والكف عن مساوئ أصحابك يا رسول الله)) بكى حتى علا صوته، وأفضل الناس بعدك يا رسول الله أبو بكر، ثم عمر، ثم وقفت عن عثمان وعلي. فقلت في نفسي علي ابن عمه، وعثمان صهره، فتبسم رسول الله ﷺ، كأنه قد علم ما في نفسي، ثم قال لي: ((عثمان ثم علي هذه السنة)) فتمسك بها، وضم أصابعه وضم إبهامه فوقهن.
قال محمد بن عكاشة: فعرضت على رسول الله ﷺ هذه الأصول ثلاث #١١٣٣# ليالٍ متوالياتٍ، كل ليلةٍ أقف عند عثمان وعلي فيقول لي: ((عثمان ثم علي)). وكنت أعرض عليه هذه الأصول، وعيناه تهطلان، فوجدت حلاوة في قلبي وفمي فمكثت أياماً لا آكل ولا أشرب، حتى ضعفت عن صلاة الفريضة، فلما أكلت ذهبت تلك الحلاوة والله شاهد علي.
قال: وأخبرني عن أحمد بن حنبل أن أمير المؤمنين المتوكل على الله قال له: إني أريد أن أتخذك فيما بيني وبين الله حجةً، فأظهرني على السنة والجماعة، وما اشتبه على العلماء مما كتبوا عن أصحاب رسول الله ﷺ.
قال: فأخبرته بهذا الحديث بعينه.


الصفحة التالية
Icon