وواجبات الحياة الزوجية، وما يترتب على ذلك من استمرار العشرة أو انفصامها بالطلاق، أو انتهائها بالموت ثم الإرث، أما بيان هذا فقد جاء في التشريع المدني.
وأصل الزنا حُرم بمكة: ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ ٢، ولكن العقوبات المترتبة عليه نزلت بالمدينة.
وأصل حرمة الدماء نزل بمكة: ﴿وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ ٣، ولكن تفصيل عقوباتها في الاعتداء على النفس والأطراف تزل بالمدينة.
وأوضح مثال لذلك التدرج في التشريع: تحريم الخمر.
فقد نزل قوله تعالى: ﴿وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ ٤، في مقام
الامتنان بنعمه سبحانه - وإذا كان المراد بالسُّكْر ما يُسْكِر من الخمر، وبالرزق ما يؤكل من هاتين الشجرتين كالتمر والزبيب - وهذا ما عليه جمهور المفسرين - فإن وصف الرزق بأنه حسن دون وصف السُّكْر يُشعر بمدح الرزق والثناء عليه وحده دون السُّكْر.
ثم نزل قوله تعالى: ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ ١، فقارنت الآية بين منافع الخمر فيما يصدر عن شربها من طرب ونشوة أو يترتب على الاتجار بها من ربح، ومضارها في إثم تعاطيها وما ينشأ عنه من ضرر في الجسم، وفساد في العقل، وضياع للمال وإثارة لبواعث الفجور والعصيان، ونفَّرت الآية منها بترجيح المضار على المنافع.
ثم نزل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ ٢، فاقتضى هذا الامتناع عن شرب الخمر في الأوقات التي يستمر تأثيرها إلى وقت الصلاة، حيث جاء النهي عن قربان الصلاة في حال السُّكْر حتى يزول عنهم أثره ويعلموا ما يقولونه في صلاتهم.
ثم نزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ@