على حدة، بالأحرف السبعة الواردة١، ولم يُجمع في مصحف عام، حيث كان الوحي يتنزل تباعًا فيحفظه القراء، ويكتبه الكتبة، ولم تدع الحاجة إلى تدوينه في مصحف واحد، لأنه عليه الصلاة والسلام كان يترقب نزول الوحي من حين لآخر، وقد يكون منه الناسخ لشيء نزل من قبل، وكتابة القرآن لم يكن ترتيبها بترتيب النزول بل تُكتب الآية بعد نزولها حيث يشير -صلى الله عليه وسلم- إلى موضع كتابتها بين آية كذا وآية كذا في سورة كذا، ولو جُمع القرآن كله بين دفتي مصحف واحد لأدى هذا إلى التغيير كلما نزل شيء من الوحي، قال الزركشي: "وإنما لم يُكتب في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- مصحف لئلا يُفضي إلى تغييره في كل وقت، فلهذا تأخرت كتابته إلى أن كمل نزول القرآن بموته، صلى الله عليه وسلم" وبهذا يُفسَّر ما رُوِيَ عن زيد بن ثابت، قال: "قُبِضَ النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يكن القرآن جُمع في شيء" أي لم يكن جُمع مرتب الآيات والسور في مصحف واحد، قال الخطابي: "إنما لم يجمع -صلى الله عليه وسلم- القرآن في المصحف لما كان يترقبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته، فلما انقضى نزوله بوفاته ألهم الله الخلفاء الراشدين ذلك، وفاء بوعده الصادق بضمان حفظه على هذه الأمة٢ فكان ابتداء ذلك على يد الصديق بمشورة عمر"٣.
ويسمى هذا الجمع في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم:
أ- حفظًا،
ب- وكتابة: "الجمع الأول".
جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه
...
٢- جمع القرآن في عهد أبي بكر، رضي الله عنه:
قام أبو بكر بأمر الإسلام بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وواجهته أحداث جسام في ارتداد جمهرة العرب، فجهَّز الجيوش وأوفدها لحروب المرتدين، وكانت غزوة أهل اليمامة سنة اثنتي عشرة للهجرة تضم عددًا كبيرًا من الصحابة القرَّاء، فاستشهد في هذه الغزوة سبعون قارئًا من الصحابة، فهال ذلك عمر بن الخطاب، ودخل على@


الصفحة التالية
Icon