وحزب المفصَّل من "ق" حتى نختم١، قال ابن حجر: فهذا يدل على أن ترتيب السور على ما هو في المصحف الآن كان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ويحتمل أن الذي كان مرتبًا حينئذ حزب المفصَّل خاصة بخلاف ما عداه".
وإذا ناقشنا هذه الآراء الثلاثة يتبين لنا:
أن الرأي الثاني الذي يرى أن ترتيب السور باجتهاد الصحابة لم يستند إلى دليل يُعتمد عليه.
فاجتهاد بعض الصحابة في ترتيب مصاحفهم الخاصة كان اختيارًا منهم قبل أن يُجمع القرآن جمعًا مرتبًا، فلما جُمِع في عهد عثمان بترتيب الآيات والسور على حرف واحد واجتمعت الأمة على ذلك تركوا مصاحفهم، ولو كان الترتيب اجتهاديًّا لتمسكوا بها.
وحديث سورتي: الأنفال والتوبة الذي رُوِيَ عن ابن عباس يدور إسناده في كل رواياته على "يزيد الفارسي" الذي يذكره البخاري في الضعفاء، وفيه تشكيك في إثبات البسملة في أوائل السور. كأن عثمان كان يثبتها برأيه وينفيها برأيه. ولذا قال فيه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه عليه بمسند الإمام أحمد: "إنه حديث لا أصل له". وغاية ما فيه أنه يدل على عدم الترتيب بين هاتين السورتين فقط٢.
أما الرأي الثالث الذي يرى أن بعض السور ترتيبها توقيفي، وبعضها ترتيبه اجتهادي. فإن أدلته ترتكز على ذكر النصوص الدالة على ما هو توقيفي. أما القسم الاجتهادي فإنه لا يستند إلى دليل يدل على أن ترتيبه اجتهادي. إذ إن ثبوت التوقيفي بأدلته لا يعني أن ما سواه اجتهادي. مع أنه قليل جدًّا.
وبهذا يترجح أن ترتيب السور توقيفي كترتيب الآيات. قال أبو بكر@