الله به كتابه العزيز دون سائر الكتب السماوية. وكما أن نظم القرآن معجز فرسمه أيضًا معجز".
والتمسوا لذلك الرسم أسرارًا تجعل للرسم العثماني دلالة على معان خفية دقيقة، كزيادة "الياء" في كتابة كلمة "أيد" من قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ﴾ ١، إذ كتبت هكذا "بأييد" وذلك للإيماء إلى تعظيم قوة الله التي بنى بها السماء. وأنها لا تشبهها قوة على حد القاعدة المشهورة، وهي: زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى٢.
وهذا الرأي لم يرد فيه شيء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى يكون الرسم توقيفيًّا، وإنما اصطلح الكتبة على هذا الرسم في زمن عثمان برضًا منه، وجعل لهم ضابطًا لذلك بقوله للرهط القرشيين الثلاثة: "إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنه إنما نزل بلسانهم" وحين اختلفوا في كتابة "التابوت" فقال زيد: "التابوه" وقال النفر القرشيون: "التابوت" وترافعوا إلى عثمان قال: "اكتبوا "التابوت" فإنما أُنزل القرآن على لسان قريش".
٢- وذهب كثير من العلماء إلى أن الرسم العثماني ليس توقيفيًّا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولكنه اصطلاح ارتضاه عثمان، وتلقته الأمة بالقبول، فيجب التزامه والأخذ به، ولا تجوز مخالفته. قال أشهب: "سُئل مالك: هل يُكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء؟ قال: لا، إلا على الكتبة الأولى" رواه أبو عمرو الداني في "المقنع" ثم قال: "ولا مخالف له من علماء الأمة"، وقال في موضع آخر: سُئل مالك عن الحروف في القرآن مثل الواو والألف، أترى أن تُغيَّر من المصحف إذا وُجِدا فيه كذلك قال: لا، قال أبو عمرو: يعني الواو والألف المزيدتين في الرسم المعدومتين في اللفظ نحو "أولوا" وقال الإمام أحمد: "تحرم مخالفة خط مصحف عثمان في واو أو ياء أو ألف أو غير ذلك"١.!@