كقولك: هلم وتعالى وأَقْبِل واذهب وأسرع وعَجِّل"١، قال ابن عبد البر: "إنما أراد بهذا ضرب المثل للحروف التي نزل القرآن عليها، وأنها معان متفق مفهومها، مختلف مسوعها، لا يكون في شيء منها معنى وضده، ولا وجه يخالف معنى وجه خلافًا ينفيه ويضاده، كالرحمة التي هي خلاف العذاب"٢.
ويؤيده أحاديث كثيرة:
"قرأ رجل عند عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فغيَّر عليه، فقال: لقد قرأت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يُغيِّر علي، قال: فاختصما عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، ألم تُقرئني آية كذا وكذا؟ قال: بلى ! قال: فوقع في صدر عمر شيء، فعرف النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك في وجهه، قال: فضرب صدره وقال: "ابعد شيطانًا" -قالها ثلاثًا- ثم قال: "يا عمر، إن القرآن كله صواب ما لم تجعل رحمة عذابًا أو عذابًا رحمة" ٣.
وعن بسر بن سعيد: "أن أبا جهيم الأنصاري أخبره: أن رجلين اختلفا في آية من القرآن، فقال هذا: تلقيتها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال الآخر: تلقيتها من
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنها، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "إن القرآن نزل على سبعة أحرف، فلا تماروا في القرآن، فإن المراء فيه كفر" ١.
وعن الأعمش قال: "قرأ أنس هذه الآية: "إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأصوب قيلًا"٢، فقال له بعض القوم: يا أبا حمزة، إنما هي "وأقوم" فقال: أقوم وأصوب وأهيأ واحد"٣.@


الصفحة التالية
Icon