الشبهة الثانية: أنه إذا كان لفظ الحديث القدسي من الرسول -صلى الله عليه وسلم- فما وجه نسبته إلى الله بقوله، ﷺ :"قال الله تعالى، أو يقول الله تعالى".
والجواب: أن هذا سائغ في العربية، حيث ينسب الكلام باعتبار مضمونه لا باعتبار ألفاظه، فأنت تقول حينما تنثر بيتًا من الشعر: يقول الشاعر كذا، وحينما تحكي ما سمعته من شخص: يقول فلان كذا، وقد حكى القرآن الكريم عن موسى وفرعون وغيرهما مضمون كلامهم بألفاظ غير ألفاظهم، وأسلوب غير أسلوبهم، ونسب ذلك إليهم: ﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ، قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ، قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ، وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ، وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ
فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ، قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآياتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ، فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرائيلَ، قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ، وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ، قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ، فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ، وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائيلَ، قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾ ١.@