الهجرة بشيء، فأنزل الله: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾... الآية١.
وأخرج أحمد والنَّسائي وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن أم سلمة قالت: "قلت: يا رسول الله، ما لنا لا نُذكر في القرآن كما يُذكر الرجال؟ فلم يرعني منه ذات يوم إلا نداؤه على المنبر وهو يقول: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ﴾ ٢... إلى آخر الآية.
وأخرج الحاكم عن أم سلمة أيضًا أنها قالت: تغزو الرجال ولا تغزو النساء، وإنما لنا نصف الميراث؟ فأنزل الله: ﴿وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾ ٣، الآية، وأنزل: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ﴾ فهذه الآيات الثلاث نزلت على سبب واحد.
تقدم نزول الآية على الحكم
...
تقدم نزول الآية على الحكم:
يذكر "الزركشي" نوعًا يتصل بأسباب النزول يسميه: "تقدم نزول الآية على الحكم"١، والمثال الذي ذكره في ذلك لا يدل على أن الآية تنزل في حكم خاص ثم لا يكون العمل بها إلا مؤخرًا، وإنما يدل على أن الآية قد تنزل بلفظ.
مجمل يحتمل أكثر من معنى ثم يُحمل تفسيرها على أحد المعاني فيما بعد فتكون دليلًا على حكم متأخر. جاء في "البرهان": "واعلم أنه قد يكون النزول سابقًا على الحكم، وهذا كقوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴾ ١ فإنه يُستدل بها على زكاة الفطر، روى البيهقي بسنده إلى ابن عمر أنها نزلت في زكاة رمضان، ثم أسند مرفوعًا نحوه، وقال بعضهم: لا أدري ما وجه هذا التأويل؟ لأن هذه السورة مكية، ولم يكن بمكة عيد ولا زكاة".@