والمناسبة في اللغة: المقاربة، يقال فلان يناسب فلانًا أي يقرب منه ويشاكله، ومنه المناسبة في العلة في باب القياس، وهي الوصف المقارب للحكم.
والمراد بالمناسبة هنا: وجه الارتباط بين الجملة والجملة في الآية الواحدة أو بين الآية والآية في الآيات المتعددة، أوبين السورة والسورة.
ولمعرفة المناسبة فائدتها في إدراك اتساق المعاني، وإعجاز القرآن البلاغي، وإحكام بيانه، وانتظام كلامه، وروعة أسلوبه ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ ٢.
قال الزركشي: "وفائدته جعل أجزاء الكلام بعضها آخذًا بأعناق بعض، فيقوى بذلك الارتباط، ويصير التأليف حاله حال البناء المحكم المتلائم الأجزاء"..
وقال القاضي أبو بكر بن العربي: "ارتباط آي القرآن بعضها ببعض، حتى تكون كالكلمة الواحدة، متسقة المعاني، منتظمة المباني، علم عظيم".
ومعرفة المناسبات والربط بين الآيات ليست أمرًا توقيفيًّا، ولكنها تعتمد على اجتهاد المفسر ومبلغ تذوقه لإعجاز القرآن وأسراره البلاغية وأوجه بيانه الفريد، فإذا كانت المناسبة دقيقة المعنى، منسجمة مع السياق، متفقة مع الأصول اللغوية في علوم العربية، كانت مقبولة لطيفة.
ولا يعني هذا أن يلتمس المفسر لكل آية مناسبة، فإن القرآن الكريم نزل مُنَجَّمًا حسب الوقائع والأحداث، وقد يدرك المفسر ارتباط آياته وقد لا يدركها، فلا ينبغي أن يعتسف المناسبة اعتسافًا، وإلا كانت تكلفًا ممقوتًا، قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام١: "المناسبة علم حسن، ولكن يُشترط في حسن ارتباط الكلام أن@