هذا والكتاب مقسم إلى ثلاثة مداخل كل منها يقص تاريخ ( إعجاز القرآن ) كما نشأت صورته عند الأستاذ شاكر، كل مدخل منها ينظر إلى هذا تاريخ الإعجاز من وجه غير الأول، لكنها جميعا تصب في آخر الأمر في معين واحد ألا وهو تأسيس علم ( إعجاز القرآن ).
وقد نشر المدخلان الثاني والثالث منفصلين عن الأول، أما الثالث فقد نشر في كتاب مستقل بعنوان ( قضية الشعر الجاهلي في كتاب ابن سلام )، وأما الثاني فقد كان مقدمة لكتاب ( الظاهرة القرآنية ) لمالك بن نبي. لذا فقد آثرت ضم المدخلين الأول والثاني في كتاب واحد لتكون الفائدة بهما أجدى.
[٦] بيد أن هنا أمرا لابد من التوقف عنده لبيانه، وهو أن هذه المداخل تقص علينا أيضا جزءا من سيرة حياة الأستاذ شاكر مع العلم وسيرته مع الكلمات وتاريخها وقد قال في مبدأ المدخل الثاني :( وقد كان كتب الله عليَّ أن أقف مع هذا اللفظ زماناً طويلا، حائراً متردداً، وخائفاً متلدداً، وجازعاً متحفظاً، وكاتماً حيرتي عن قلمي ولساني، حتى تصرَّمت سنوات، وأنا على شَفَا حفرةٍ من النار، فأنقذني الله برحمته وفضله، وسلمتُ بحمده سبحانه بعد مخالطة العطب ). وهذا الذي ذكره الأستاذ شاكر من أصعب الأمور وأشقها على النفس إذ تتركها في حيرة لا يخرج منها بريئا إلا بعد طول مجاهدة ومعاناة تراهما ظاهرين ظهورا بينا في ثنايا حديثه في المدخلين.
وهنا أمر أخير لابد من الأشارة إليه وهو أن المدخلين الثاني والثالث قد جاءا تامين أما الأول وهو أحدثهن كتابة كما ذكر الأستاذ شاكر لم يتمه، إذ وقف عند الفصل العشرون بادئا فيه ثم لم يكمله، ولو كان فعل لكان فتحا وخيرا كثيرا جاءنا، لكن قضاء الأجل كان قد وافاه قبل أن يكمل المدخل الأول.