ولقد رأيت الناس حول كلام الأقدمين أحدَ رجلين: رجلٍ معتكفٍ فيما شاده الأقدمون، وآخرَ آخذٍ بمعوله في هدم ما مضت عليه القرون، وفي كلتا الحالتين ضرٌّ كثير، وهنالك حالة أخرى ينجبر بها الجناحُ الكسير، وهي أن نعمد إلى ما أشاده الأقدمون فَنُهَذِّبَهُ ونزيده، وحاشا أن ننقضه أو نبيده، عالماً بأن غمض فضلهم كفران للنعمة، وجحد مزايا سلفها ليس من حميد خصال الأمة، فالحمد لله الذي صدق الأمل، ويسر إلى هذا الخير ودل+.
٢٠_ الاعتزاز باللغة العربية: فتراه يتفاخر بها، ويُعلي من شأنها، ويرى أنها أعذب اللغات وأعظمها، وأوسعها مع أنه عاش في وقت الهزيمة _كما مرَّ_ وفي وقت كانت العربية توصم بالجمود، وتلاقي كلَّ جحود وكنود.
ومع ذلك لم يفقد ثقته بِلُغَتِه، ولم تنل منه تلك الدعايات فتيلاً أو قطميراً.
كيف لا، وهو الخبير باللغة، العالم بأسرارها، البصير بآدابها وشتَّى فنونها وعلومها.
٢١_ العناية بالضوابط، والتعريفات، والحدود: بحيث يتطرق للألفاظ التي تمر به في التفسير، فيعرفها بدقة، ووضوح، وشمول لا تكاد تجده عند غيره.
٢٢_ العناية بمبتكرات القرآن، ولطائفه، وعاداته: ويعني بمبتكرات القرآن ما تميز به لفظ القرآن عن بقية كلام العرب، وأنه جاء على أسلوب يخالف الشعر، والخطابة، وعلى طريقة ليس فيها اتباع لطرائق العرب القديمة في الكلام، كما في ١/١٢٠.
كما عني باللطائف القرآنية، وذلك كثير في تفسيره، كما في ٨_١/٢١٢.
كما عني × بعادات القرآن، وبيَّن أنه حق على المفسِّر أن يتعرف عادات القرآن من نظمه وكلمه، وبيَّن أن بعض السلف قد تعرض لشيء منها كابن عباس _رضي الله عنهما_ حيث يرى أن كل كأس في القرآن فالمراد بها الخمر، وأن كل ما جاء من [يَا أَيُّهَا النَّاْسُ] فالمراد به أهل مكة.
وابن عيينة يرى أن الله ما سمَّى مطراً في القرآن إلا عذاباً، وهكذا. انظر ١/١٢٤_١٢٥.


الصفحة التالية
Icon