وكما في حديثه عن أطوار خلق الإنسان كما في سورة الزمر ٢٣/٣٣٣_٣٣٤.
وكما في حديثه عن قوله _تعالى_ [يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ والتَّرَائِبِ] ٣٠/٢٦٣_٢٦٤.
٢٨_ التعرض لمسائل في باب الإعجاز العلمي: وهذه الفقرة قريبة من الفقرة التي قبلها والتي بعدها.
والمقصود بالإعجاز العلمي ههنا الحقائقُ العلمية التي كشف عنها العلم، ووافقت أحدث ما انتهى إليه الكشف العلمي في هذا العصر مع كونها مجهولة في عصر النبوة وما بعده لقرون عديدة.
والشيخ ابن عاشور _كما يقول الدكتور بلقاسم الغالي_: =حين يأخذ بهذا اللون من الإعجاز إنما يأخذ به في اعتدال فهو يخالف الشاطبي الذي يرى (أن الشريعة أمية ليس فيها من علوم المتقدمين والمتأخرين شيء؛ لذلك لا ينبغي تناول آيات القرآن من وجهة نظر العلوم الحكمية بجميع أنواعها).
وهو يخالف المغالين الذين أسرفوا في تأويل آيات إلى حد التكلف والمجافاة للفظ القرآن وسياقه، ولم يخرج الألفاظ والتراكيب عند مدلولاتها اللغوية، ولم يحمل النصوص ما لا تحتمل+(١).
وقد تعرض الشيخ ابن عاشور في تفسيره لمسائل في الإعجاز العلمي، ونص على هذه التسمية في مواضع عديدة كما في المقدمة العاشرة من تفسيره، وكما في تفسيره لقوله _تعالى_: [أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً...] الأنبياء: ٣٠.
وكما في تفسيره لقوله _تعالى_: [خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ] العلق.
ولقد أوغل الشيخ ابن عاشور في هذا الباب برفق؛ حيث لم يكن ممن أنكروا ذلك، ولم يكن _أيضاً_ ممن أغرق في النظريات العلمية، واسترسل مع دقائقها؛ فلعل هذا هو المنهج الراشد في هذه المسألة.

(١) _ شيخ الجامع الأعظم محمد الطاهر ابن عاشور _حياته وآثاره_ د. بلقاسم الغالي ص٨٣_٨٤.


الصفحة التالية
Icon