١٧_ عادات القرآن: يحق على المفسر أن يتعرف عادات القرآن من نظمه وكلمه، وقد تعرض بعض السلف لشيء منها، فعن ابن عباس: =كل كاس في القرآن فالمراد بها الخمر+ وذكر ذلك الطبري عن الضحاك _ أيضاً _.
وفي صحيح البخاري في تفسير سورة الأنفال قال ابن عيينة: ما سمى الله مطراً في القرآن إلا عذاباً، وتسميه العرب الغيث كما قال _تعالى_: [وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا].
وعن ابن عباس: أن كل ما جاء من (يا أيها الناس) فالمقصود به أهل مكة المشركون.
وقال الجاحظ في البيان: =وفي القرآن معان لا تكاد تفترق، مثل الصلاة والزكاة، والجوع والخوف، والجنة والنار، والرغبة والرهبة، والمهاجرين والأنصار، والجن والإنس+.
قلت: والنفع والضر، والسماء والأرض.
وذكر صاحب الكشاف، وفخر الدين الرازي أن من عادة القرآن أنه ما جاء بوعيد إلا أعقبه بوعد، وما جاء بنذارة إلا أعقبها ببشارة، ويكون ذلك بأسلوب الاستطراد، والاعتراض لمناسبة التضاد، ورأيت منه قليلاً في شعر العرب كقول لبيد:
فاقطعْ لُبانَة مَنْ تعرَّضَ وصلُه | فلشرُّ واصِل خلَّة صَرَّامُها |
وأحْبُ الُمجامِلَ بالجزيلِ وصرمُه | باقٍ إذا ظلِعَتْ وزاغَ قِوامها |
١٨_ وقد استقريت بجهدي عادات كثيرة في اصطلاح القرآن سأذكرها في مواضعها، ومنها أن كلمة (هؤلاء) إذا لم يرد بعدها عطف بيان يبين المشار إليهم فإنها يراد بها المشركون من أهل مكة كقوله _تعالى_: [بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاءِ وَآبَاءَهُمْ] وقوله: [فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ].
وقد استوعب أبو البقاء الكفوي في كتاب الكليات في أوائل أبوابه كليات مما ورد في القرآن من معاني الكلمات، وفي الإتقان للسيوطي شيء من ذلك.