لقد عَرَفَتِ الزيتونةُ محمداً الطاهر ابن عاشور طالباً نابهاً متميزاً في تحصيله العلمي، وخَبَرتْهُ أَرْوِقتُها مدرِّساً متحمساً مقتدراً، وَعِهدَه طلابُها وأساتيذُها داعيةً لإصلاح التعليم الزيتوني، وحاملاً للوائه، وعاملاً في سبيله من مواقع مختلفة، كما عرفت تونس ابن عاشور شيخاً لجامعها الأعظم _الزيتونة_ وخبرته قاضياً ومفتياً يتوخَّى تحقيقَ العدل والالتزام بالحق في أقضيته وفتاويه مهما كان في ذلك من معارضة لرغبات المتقاضين، أو مناقضة لأهواء المستفتين+.(١)
هذا وقد تولى مناصب علمية وإدارية بارزة كالتدريس، والقضاء، والإفتاء، وعضويات المجامع العلمية، وغيرها.
أوليات ابن عاشور(٢): اعتنى الأوَّلون بالتصنيف بالأوائل، مثل أبي هلال العسكري، والجراعي، والسيوطي.
وللشيخ محمد الطاهر ابن عاشور أوّليات تستحقّ الوقوف عندها، والإشارة إليها، وهي مظهر من مظاهر تميّز المترجم له × وفيما يلي شيء من ذلك:
١_ وهو أوّل مَنْ جمع بين منصب شيخ الإسلام المالكي، وشيخ الجامع الأعظم (الزيتونة).
٢_ وهو أوَّل مَنْ سُمِّي شيخاً للجامع الأعظم سنة (١٣٥١هـ _ ١٩٣٢م) ليتولَّى الإصلاحات العلمية والتعليمية، فكان أوّل شيخ لإدارة التعليم بجامع الزيتونة عوضاً عن النظارة(٣) التي كانت هي المسيّرة للتعليم به.
٣_ وأوَّل مَنْ لُقِّبَ بشيخ الإسلام، وهو لقب تفخيمي تداولته الرئاسة الشرعية الحنفية بتونس منذ القرن العاشر الهجري، ولم يكن لدى المالكية بتونس هذا اللقب.
وقد أُطلق على رئيس المجلس الشرعي الأعلى للمالكية بصفة رسمية عليه.

(١) _ المرجع السابق ص١٧_١٩.
(٢) _ انظر شيخ الجامع الأعظم محمد الطاهر بن عاشور حياته وآثاره د. بلقاسم الغالي ص٥٦_٦٢، ومحمد الطاهر بن عاشور علامة الفقه وأصوله، والتفسير وعلومه للأستاذ خالد الطباع ص٧٨_٨٠.
(٣) _ النظارة: هي الهيئة المشرفة على التعليم.


الصفحة التالية
Icon