…واستغلت الباطنية المعنى الأخير للتأويل ـ بعد أن استندوا على حديث ينسب إلى الرسول ( " للقرآن ظهر وبطن " أو " للقرآن باطن " ـ فراحوا يفسرون القرآن الكريم وفق هواهم، وتبعا لأذواقهم ومواجيدهم الباطلة شرعا، وقد رد ابن تيمية ـ رحمه لله ـ هذا الحديث فقال :" أما الحديث المذكور فمن الأحاديث المختلفة التي لم يروها أحد من أهل العلم، ولا يوجد في شيء من كتب الحديث "(٢).
…والتأويل بهذا المعنى ينقسم إلى قسمين: أحدهما يوافق العلم الظاهر، وهو إما صحيح مقبول أو باطل مردود أو ملتبس فيتوقف عنه.
أما إذا كان التأويل مخالفا للعلم الظاهر فهو باطل شرعا، والقائل به إما ملحد زنديق أو جاهل ضال(١).
والمتأول بالمعنى الأخير مطالب بأمرين :
١- أن يبين احتمال اللفظ للمعنى الذي حمله عليه وادعى أنه المراد منه.
٢- أن يبين الدليل الذي أوجب صرف اللفظ عن معناه الراجح إلى معناه المرجوح.
…وبدون ذكر ذلك يكون التأويل فاسدا وضربا من التلاعب بالنصوص، وحملها على الهوى وصرفها عن معناها الحقيقي المستفاذ من ظاهرها، وتعطيل لشرائع الله. وكل ذلك ملاحظ في تفاسير الفرق الضالة.
…وقد دأب العلماء على التفريق بين التفسير والتأويل، ولهم في ذلك أقوال متعددة، فمنهم من قال: " التفسير هو تحقيق المعنى وذلك لا يكون إلا من قبل الله تعالى، والتأويل هو على احتمال اللغات، فلكل واحد من أهل اللغة أن يتأول بلغته(١).
…" ومنهم من قال التفسير هو ذكر القصص وما أنزل فيه، والتأويل هو ما يحتمله معنى الكلام "(٢).


الصفحة التالية
Icon