٢- ما لا يتوصل إلى معرفة صحته من ضعيفه وهذا يتوقف عنده ولا يجزم فيه برأي، ومن ذلك ما ينقل عن كعب ووهب ومحمد بن إسحاق، وغيرهم ممن يأخذون عن أهل الكتاب، وهذا القسم الثاني من النقل هو مما لا فائدة فيه، ومثاله الاختلاف الحاصل في أحوال أهل الكهف، وفي البعض الذي ضرب به قتيل بني إسرائيل من البقرة، وغير ذلك مما يختلف فيه المقرون اختلافا كبيرا، وهو مما لا فائدة فيه على الإطلاق، فالحق سبحانه ما ترك من أمر يفيد الناس في دينهم أو دنياهم إلا أقام عليه الدليل نقلا أو عقلا(١).
العقل أو الإستدلال :
…وأما ما كان مصدره العقل أو الرأي أو ما يسميه ابن تيمية بالإستدلال، فإن الخطأ فيه يكون من ناحيتين :
الأولى :
أن يأتي المفسر إلى القرآن طالبا دليلا ينتصر به لرأيه أو مذهبه بحيث يجعل القرآن تابعا ولا متبوعا، ومأمورا لا أميرا، وهؤلاء قد ركزوا على المعنى الذي ذهبوا إليه دون النظر إلى دلالة وبيان ألفاظ القرآن مما يجعلهم يحملون اللفظ القرآني على غير محمله(١).
…والمتتبع لتفسيرات هؤلاء المفسرين يجدهم يتعاملون مع النص القرآني بمنهجين متباينين، ولكنهما متكاملان من حيث الغاية والهدف، ذلك أنهم يحاولون أن يستدلوا على صحة مذهبهم وينتصروا له بآيات ليست دالة على ما ذهبوا إليه، وهم يحملونها على ظاهرها دون مراعاة للسياق الذي وردت فيه.
…وأما إذا وجدوا في القرآن ما يعارض مذهبهم فإنهم يسارعون إلى تأويله بتأويلات منحرفة وضالة وبعيدة عما دلت عليه في سياقها، مدعين أن ذلك من المتشابه، وممن سلك هذا المسلك - في نظر ابن تيمية - الفرق الضالة التي اعتقدت مذهبا يخالف الحق الذي عليه سلف الأمة وأئمتها، ومنهم الخوارج والروافض والجهمية والقدرية والمرجئة والمعتزلة وغيرهم.
وهؤلاء قد يخطئون مرة في الدليل وحده، وقد يخطئون في الدليل والمدلول وذلك حسب المنهج الذي اتبعوه في تأويلهم لآي الذكر الحكيم (٢).
الثانية :