…وقد عبر ابن تيمية عن ذلك بقوله :" والاختلاف قد يكون لخفاء الدليل، أو الذهول عنه، وقد يكون لعدم سماعه، وقد يكون الغلط في فهم النص، وقد يكون اعتقاد معارض راجح" (١).
…وأما السيوطي فقد تحدث في كتابه "الإتقان في علوم القرآن" عن أوجه اختلاف السلف في التفسير وأوضح أنه اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، واستشهد بكثير من الأمثلة الدالة على ذلك مما يجعلنا في غنى عن سردها هاهنا(٢).
أسباب الاختلاف في تفسير القرآن الكريم :
…إذا تتبع الباحث الأسباب الحقيقية التي أدت إلى الإختلاف في تفسير القرآن الكريم قد لا يجدها تخرج عن الأسباب التالية :
١- مخالفة القرآن الكريم وعدم الإعتصام به، وقد نص على ذلك ابن تيمية مرات عديدة في فتاويه، ومن ذلك قوله :" إن السلف كان اعتصامهم بالقرآن والإيمان، فلما حدث في الامة ما حدث من التفرق والاختلاف، صار اهل التفرق والاختلاف شيعا، صار هؤلاء عمدتهم في الباطن ليست على القرآن والإيمان، ولكن على أصول ابتدعها شيوخهم، عليها يعتمدون في التوحيد والصفات والقدر والإيمان بالرسل وغير ذلك، ثم ما ظنوا أنه يوافقها من القرآن احتجوا به، وما خالفها تأولوه، فلهذا تجدهم إذا احتجوا بالقرآن والحديث لم يعتنوا بتحرير دلالتهما، ولم يستقصوا ما في القرآن من ذلك المعنى، إذ كان اعتمادهم في نفس الأمر على غير ذلك، والآيات التي تخالفهم يشرعون في تأويلها شروع من قصد ردها كيف أمكن، ليس مقصوده أن يفهم مراد الرسول، بل أن يدفع منازعه عن الإحتجاج بها"(١).


الصفحة التالية
Icon