…تمشيا مع منهج أهل السنة في قضية التأويل، نجد الراغب الأصفهاني في كتابه " مقدمة التفسير" " لا يرفض التأويل بصفة كلية، بل يبين أن التأويل نوعان منه ماهو مردود مرفوض، ويصطلح عليه بالتأويل المستكره، ومنه ما هو مقبول ويصطلح عليه بالتأويل المنقاد، ويضرب أمثلة للتأويل المستكره، يمكن أن نستخلص منها الأسباب التي جعلته يكون مرفوضا من طرق هذا العالم الجليل، ويمكن حصرها في أربعة أسباب منهجية خارجية عن النص وهي :
١- التلفيق بين لفظين كل منهما ورد في سياق مخالف للسياق الذي ورد فيه الآخر.
٢- ما يفسر بحديث موضوع أو ضعيف، واصطلح عليه بخبر مزور أو كالمزور.
٣- ما يفسر تفسيرا لغويا متعسفا.
…وهذا نص كلامه: " والتأويل نوعان مستكره ومنقاد. فالمستكره ما يستبشع إذا سبر بالحجة... وذلك على أربعة أضرب. الأول أن يكون لفظ عام فيخصص في بعض ما يدخل تحته نحو قوله تعالى :﴿وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين﴾(١)، حمله بعض الناس على علي بن أبي طالب ( فقط. والثاني أن تلفق بين اثنين نحو قول من زعم أن الحيوانات كلها مكلفة بقوله تعالى :﴿ وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ﴾(٢). وقد قال ( :﴿ وما من دابة في الارض. ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ﴾(٣). فدل بقوله أمم أمثالكم أنهم مكلفون كما نحن مكلفون. والثالث ما استعين فيه بخبر مزور أو كالمزور كقوله ( :﴿ يوم يكشف عن ساق ﴾(٤) قال بعضهم عني به الجارحة مستدلا بحديث موضوع. والرابع ما يستعان فيه باستعارات واشتقاقات بعيدة كما قال بعض الناس في البقر إنه إنسان يبقر عن أسرار العلوم. وفي الهدهد إنه إنسان موصوف بجودة البحث"(١).…


الصفحة التالية
Icon