…يقول ابن تيمية :" فعلى كل مؤمن أن لا يتكلم في شيء من الدين إلى تبعا لما جاء به الرسول، ولا يتقدم بين يديه، بل ينظر ما قال، فيكون قوله تبعا لقوله، وعلمه تبعا لأمره. فهكذا كان الصحابة ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين، لهذا لم يكن أحد منهم يعارض النصوص بمعقوله، ولا يؤسس دينا غير ما جاء به الرسول، فمنه يتعلم وبه يتكلم، وفيه ينظر ويتفكر وبه يستدل، فهذا أصل أهل السنة.
…وأهل البدع لا يجعلون اعتمادهم في الباطن ونفس الأمر على ما تلقوه عن الرسول، بل على ما رأوه أو ذاقوه، ثم إن وجدوا السنة توافقهم وإلا لم يبالوا بذلك، فإذا وجدوها تخالفه أعرضوا عنها تفويضا، أو حرفوها تأويلا"(١).
…وابن تيمية إذ يحصر الأسباب التي تجعل التأويل مردودا في المنهجية المتبعة في التفسير - أي أنها كلها أسباب خارجية عن النص، وليست متولدة منه - ينطلق من قاعدة أساسية سطرها عند تحديد موقفه من التأويل، والتي تنص على أن كل ما في القرآن يستطيع أهل العلم وأهل الإختصاص الوقوف على معناه، وأنه ليس في القرآن ما لا يدرك علمه.
سابعا: مرتكزات التفريق بين نوعي التأويل عند صاحب مقدمة "كتاب المباني " :
…وهذا المؤلف المجهول ـ لذي يتضح لنا من طريقة معالجته لقضية التأويل أنه يتبنى منهج أهل السنة في التفسير ـ يرى أن السبب في رد التأويل هو سبب منهجي، ذلك أن المفسر قد يحمل معنى الآية على حديث معين، أو على معنى لغوي معين ثم يجزم بأن ذلك هو وحده مراد الله. والتعامل مع كتاب الله تعالى بهذه الصورة يعد من قلة الأدب، فضلا عما فيه من بعد عن الموضوعية، وعن البحث العلمي النزيه الذي لا يقر الآراء الشخصية ـ ولو كانت نابعة عن اجتهاد ودراسة وبحث ـ ويجعلها وحدها الصحيحة دون غيرها، فيعطل بذلك المسيرة العلمية التي هي مظنة الخصب الفكري، والنماء العلمي والمنهجي ". وقال بعض العلماء: ما روى في كراهة التفسير فعلى جهات: