وَفعل الْفَرْض الْمَنْسُوخ غير محرم بل جَائِز لنا فعله وَنحن مأجورون عَلَيْهِ فَلَو وقف وَاحِد من الْمُؤمنِينَ لعشرة من الْمُشْركين صَار محتسبا منتظرا للنصر من الله الَّذِي جَاءَ بِهِ وعده الصَّادِق لم يكن عَاصِيا بل جَزَاؤُهُ الْأجر الْكَبِير
قَالَ تَعَالَى ﴿كم من فِئَة قَليلَة غلبت فِئَة كَثِيرَة﴾ الْآيَة
وَقَالَ بَعضهم وَمثل هَذَا قَوْله تَعَالَى ﴿شهر رَمَضَان الَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن﴾ نسخ فرض صِيَامه مَا كَانَ كتب على الَّذين من قبلنَا من صَوْم عَاشُورَاء وَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر فَهَذَا فرض نسخ فرضا فعل الْمَنْسُوخ جاءئز لنا وَنحن عَلَيْهِ مأجرون
الثَّالِث أَن يكون النَّاسِخ أمرا بترك الْعَمَل بالمنسوخ الَّذِي كَانَ فرضا وَنحن مخيرون فِي فعل الْمَنْسُوخ وَتَركه وَفعله أفضل وَذَلِكَ مَا نسخ من قيام اللَّيْل بعد أَن كَانَ فرضا
وَمثله مَا كَانَ فرضا على الْمُسلمين من تَحْرِيم الْأكل وَالشرب وَالْوَطْء فِي شهر رَمَضَان بعد النّوم فَهَذَا النَّاسِخ أَمر بترك الْمَنْسُوخ مَعَ أَن لنا فعله
وَزَاد بَعضهم قسما رَابِعا وَهُوَ أَن يكون النَّاسِخ فرضا والمنسوخ كَانَ ندبا كالقتال كَانَ ندبا ثمَّ صَار فرضا
قَالَ بَعضهم وَهَذَا فِي الْحَقِيقَة لَا يُسمى نسخا وَإِنَّمَا هَذَا أَمر مُؤَكد وَلَا رخصَة فِيهِ وتاركه عَاص معاقب
وَالْأول كَانَ تَاركه محروم الْأجر لَا غير فَصَارَ صَرِيح الْأَمر فارضا لِلْقِتَالِ