إن من ينشأ على القيام بالقرآن يقرؤه كما وصفت فإنه ينشأ قوي النفس، قوي البدن ثابت الخطى يشق طريقه في الحياة بلا مخاوف ولا مشاكل بإذن الله تعالى لأنه يجد التفسير الواضح الثابت لكل المواقف التي يمر بها، ولكل المناهج والأطروحات التي تتنافس في إثبات وجودها، إن من يقرأ القرآن كما ذكر يستغني به عن كلام البشر، وما زلت أسمع وأرى صوراً ومآسي لا نحرافات فكرية واجتماعية تحصل من أبناء المسلمين، وماذاك إلا بسبب التفريط في الربط بالقرآن حبل الله المتين الذي ما ضل من تمسك به، والتمسك به لا يكون أبداً إلا بما سبق بيانه من وسائل ومفاتح.
وهذا أسهل وأخصر الطرق في تربية الأولاد لمن وفق إليه وقدر عليه، أما من حرمه فإنه سيظل حبيس تجارب وطرق وأفكار لا أول لها ولا آخر، تجارب ووسائل متباينة ومكلفة وصعبة التطبيق، وضعيفة النتائج، وهشة البناء لا تصمد للمواقف الصعبة واللحظات الحرجة.
خاتمة البحث
أخي المسلم بفعلك لما سبق ذكره من مفاتح التدبر تكون كمن استعمل منظارا لتقريب وتكبير الصور وهذا ما يحصل تماما لقارئ القرآن بهذه الكيفية فإنه تكبر في نظره المعاني وتزداد عمقا ويغزر فهمه لمضامينها حتى إنه لينتبه إلى معان لم يكن يدركها من قبل، وألفاظ كان يمر بها دون أن يشعر ؟حتى إنه ليقول : سبحان الله لقد كنت أقرأ هذه السورة أو الآية منذ سنوات لكن لم أفهمها كما فهمتها اليوم ؟
إن البعض منا يريد أن يتدبر القرآن ويتأثر بالقرآن وهو لم يهيئ الأسباب والوسائل المساعدة على فهمه وفقهه حتى أدنى درجات التركيز والهدوء لا يوجدها حين قراءته للقرآن ؟ لماذا ؟ لأن الذي يقرأ القرآن منا قصر همته على نطق الألفاظ وما يحصل من حسنات مقابل ذلك. نعم كما سبق تفصيله هذا أحد المقاصد والمطالب وهو حسن ومطلوب لكن هناك غيره من المقاصد وهي أهم وأولى وهي لا تحصل إلا بما تم بيانه من وسائل وضوابط.


الصفحة التالية
Icon