ووجود قول ضعيف في تفسيرهم لا يعني أنه من الرأي المذموم، وما ورد من تفسيرات غريبة عن بعضهم، أعني بعض تفسيرات مجاهد (ت: ١٠٤) لمسخ بني إسرائيل قردة وخنازير، والميزان، والنظر إلى وجه الله = إنما هي أفراد في تفاسيرهم، وهي نادرة لا تكاد تذكر.
وأما الرأي الذي جاء بعد تفسير السلف فهو على قسمين:
القسم الأول:
الرأي المحمود، وهو المبني على علم، وهو نوعان:
النوع الأول: الاختيار من أقوالهم بالترجيح بينها إذا دعا إلى ذلك داعٍ، بشرط أن يكون المرجِّح ذا علم، ولا يختار من أقوالهم حسب هواه وميوله. ولا بدَّ أن يكون المرجِّح على علم بأنواع ما يقع من الاختلاف عنهم، وهو قسمان:
الأول: أن يكون الخلاف راجعًا إلى معنى واحدٍ، ويكون الخلاف بينهم خلاف عبارة، ويدخل الرأي هنا في توجيه أقوالهم إلى كونها على قول واحد وأنه لا يوجد خلاف حقيقي ولا خلاف معتبر فيه بين هذه الأقوال.
الثاني: أن يكون الخلاف بينهم راجعًا إلى أكثر من معنى، فتصحيح أقوالهم على أنها من اختلاف التنوع، أو اختيار أحد هذه المعاني من المفسرين الذين جاءوا بعدهم إنما يكون برأي واجتهادٍ، كما فعل الطبري (ت: ٣١٠).
النوع الثاني: الإتيان بمعنى جديد صحيح لا يُبْطِلُ تفسير السلف، ولا يُقْصَر معنى الآية عليه.
لا شكَّ في أن المعاني تنتهي، ولكن هذا لا يعني أن تفسير القرآن قد توقَّف على جيل أتباع التابعين، وأنه لا يجوز لغيرهم أن يفسِّر القرآن.
نعم لا يعني هذا، ولكن لا بدَّ من ضوابط في هذا، وهو ما يشير إليه عنوان الفقرة من أن يكون المعنى صحيحًا واردًا في اللغة، وأن يكون غير مناقض [أي: مُبطل] لقول السلف، وأن لا يعتقد المفسر بطلان قولهم وصحة قوله فقط. فإذا حصلت هذه الضوابط = صحَّ – والله أعلم – التفسير الجديد، وصار من التفسير بالرأي المحمود المعتمد على علمٍ، والله أعلم.
القسم الثاني: