فافتتح الله جل وعلا الكتاب بحمده كما أنه حمد نفسه على إنزال القرآن فقال ؟الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا(١)قَيِّمًا؟[الكهف: ١-٢].
فإذا كان كذلك، الحمد دارت الحياة عليه والخلق عليه وإنزال الكتب وبعث الرسل عليه، ولهذا صار الحمد هو أعظم ما يُفتتح به الكتاب الخاتم قال جل وعلا (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، لهذا إذا تأملت القرآن وجدت أن الحمد يدور على خمسة معاني:
المعنى الأول: أن يحمد الله جل وعلا على ربوبيته.
والثاني: أن يحمد على ألوهيته.
الثالث: أن يحمد على أسمائه وصفاته.
الرابع: أن يحمد جل وعلا على خلْقِه سبحانه وتعالى وإحداثه وإبداعه الكائنات.
والخامس والأخير: أن يحمد الله جل وعلا على شرعه وكتابه وما أنزل.
الناس الآن؛ يقول فلان، يعني الحمد عندهم بمعنى إيش؟ بمعنى الشكر، فهل يدخل الحمد بمعنى الشكر في أحد هذه العناصر؛ في عدّ هذه الأقسام الخمسة للحمد؟ نعم وهو الحمد على خلق الله جل وعلا للصغير والكبير؛ لأنه ما من نعمة تسدى إليك إلا والله جل وعلا هو الذي خلقها، فيُحمد على ما أدى وعلى ما أرسل.
إذن سورة الفاتحة تدور في موضوعها على أركان حمد الله جل وعلا، والقرآن كله لو استوعب فإنه يدور من أوله إلى آخره على أنواع حمد الله جل وعلا، فإما أن تكون الآية أو السورة في حمده سبحانه على ربوبيته، أو على ألوهيته، أو على أسمائه وصفاته، أو على شرعه وكتابه وما انزل، أو على خلقه وقدره سبحانه وتعالى.