إذن هذه السورة ذكر الله جل وعلا في أولها (أَحَسِبَ النَّاسُ)، الناس يشمل من؟ يشمل المؤمن ويشمل الكافر، يشمل الكبير ويشمل الصغير، يشمل جميع الطبقات، جميع الطبقات في تعاملها مع الجميع، (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) تقول المؤمن، فمتى يصدق الإيمان؟ إذا عرضت لك الفتنة فنجوت منها بشرع الله جل وعلا، فقد تفتتن بنفسك، فيه أناس يفتتن بجماله، يفتتن بحسنه، امرأة تفتتن بما لها بما عندها، رجل يفتتن بماله، أحد يفتتن بوالديه، لذلك تجد في هذه السورة تجد أن في هذه السورة ذكرا لجميع أنواع وأصول الفتن والجواب على ذلك.
خذ مثلا في أولها قال الله جل وعلا ؟ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ [بِي](١) مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ؟[العنكبوت: ٨] لاحظ الوالدان يفتنان؛ يجاهدان للشرك، يجاهدان ليشرك العبد، هذه أليست فتنة؟ فتنة عظيمة، وقد ذكر المفسرون أنها نزلت في قصة سعد بن أبي وقاص لما أرادته أمه على الكفر والشرك، ومع ذلك قال الله جل وعلا أن يصاحب والديه حسنا لكن لا يطيع؛ قال (وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)، وقال في أولها (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا) هذه فتنة عظيمة، ما المخرج منها؟ المخرج منها في تحقيق شرع الله ألا تطيع في الكفر والشرك أو في معصية الله لكن تصاحب بالحسنى، ومن الناس من تعرض عليه الفتنة فيصاحب والديه لا بالحسنى ولكن عن عقوق، ويكون قد وقع في بعضها، لكن من يصبر على هذا الأمر العظيم، وهو أن يصاحب بالحسنى وألا يطيع، هذا النجاة من الفتنة في هذه الحال.