من الفتن التي ذُكرت أيضا في هذه السورة؛ أن يجعل الله جل وعلا الحياة جميلة بلهوها ولعبها وما فيها من الملذات حتى ينسى المرء الآخرة، قال جل وعلا في آخر السورة ؟وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ؟[العنكبوت: ٦٤]؛ لأن كثيرين من الناس افتتنوا بالحياة؛ لهو ولعب ويظن أنها ستمتد ولا يعلم حقيقة الحياة، قال جل وعلا بعدها ؟وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ؟[العنكبوت: ٦٤]، (الْحَيَوَانُ) وهذا صيغة مبالغة من الحياة؛ يعني الدار الآخرة؛ يعني الجنة والنار هي ذات الحياة الباقية الكاملة، فمن أراد قمّة النعيم وكمال النعيم والتلذذ فهو في الجنة في الآخرة، ومن أراد الهرب من المؤذيات فهو المؤذيات كلها في النار، والذي يريد الهرب يهرب من النار، ولهذا قال طائفة من العلماء ما ذكر الله جل وعلا في القرآن -هذه ذكرها ابن الجوزي وجماعة- ما ذكر الله جل وعلا في القرآن من أنواع نعيم الدنيا، لتنظر إلى نعيم الدنيا أو لتتذكر به نعيم الآخرة، فكل مثال في الدنيا للنعيم أو للتلذذ هو حجة عليك في تذكرك نعيم الجنة، وكل مثال في الدنيا لأنواع المؤذيات ولو كانت الحشرة الصغيرة أو كان حرا يسيرا فهو مثال يذكرك الله جل وعلا به لما يكون في الآخرة من النكال ومن العذاب ومن الحرمان، فمن أراد حقيقة الحياة والسعادة فليبحث عن السعادة الأبدية، والحياة الدنيا هذه من اللهو واللعب (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ) تحدث فتنة، وما الناس الآن ما افتتن الناس إلا باللهو واللعب بهذه الحياة الدنيا، لماذا قست القلوب؟ لأجل أن الناس أقبلوا على اللهو واللعب، لماذا أعرضوا عن الآخرة؟ لأنهم أقبلوا على اللهو واللعب، لماذا قل نصيبهم من القرآن؟ لأنهم أقبلوا على اللهو واللعب، والجاد العاقل هو الذي ينظر إلى قوله (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ