فما المقصود بعلم مقاصد السور؟ معلوم أن الله جل جلاله هو الذي تكلم بهذا القرآن وأن القرآن كلامه ؟وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ؟ فالقرآن كلام الرب جل جلاله، ومقاصد السور يُعنى بها عند أهل هذا العلم: الموضوعات التي تدور عليها آيات سورة ما. يعني أن سورة من السور التي في القرآن أو أن معظم السور أو كل السور لها موضوع تدور عليه الآيات والمعاني التي في هذه السورة، إذا عُلم هذا المقصد؛ يعني هذا الغرض هذا الموضوع، فإن فهم التفسير سيكون سهلا، بل سيفهم المرء كلام الأولين، وسيفهم كلام المحققين بأكثر مما إذا أخذ الآيات مجردة عن موضوع السورة كما سيأتي في مثال نستعرضه إن شاء الله تعالى.
وأصلا في بحث مقاصد السور لم يكن بحثه في تاريخ العلم مبكرا، فإنما بحث قبله بُحث يسمى المناسبات، والعلماء اختلفوا في موضوع المناسبات، ويعنون بها مناسبات الآي؛ هل الآية هذه جاءت بعد الآية لمناسبة؟ هل بين الآية الأولى والثانية رابط؟ والثانية والثالثة بينها مناسبة؟ هل هذه الآيات في نظامها بينها وبين موضوع السورة اتصال؟ هذا يبحث في علم التفسير ويبحث في إعجاز القرآن، ولهذا عد طائفة من العلماء أن من وجوه إعجاز القرآن، وهو المنزل آية وبرهان ومعجز للخلق أجمعين، أنّ من وجوه الإعجاز أن يكون للسورة موضوع تدور عليه، وأن يكون بين الآيات ترابط هذه الآية بعد تلك، هذه القصة بعد تلك لغرض معلوم.
لهذا قلّ من يطرق هذا الموضوع من المفسرين أو من العلماء ولعدم كثرة طرقه أسباب منها: