وقد قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: (( واعلم أن تارك السيئة لا يعملها على ثلاثة أقسام، تارة يتركها لله، فهذا تكتب له حسنة على كفّه عنها لله تعالى، وهذا عمل ونية، ولهذا جاء أنه يكتب له حسنة، كما جاء في بعض ألفاظ الصحيح: (( فإنما تركها من جرّائي )) أي: من أجلي. وتارة يتركها نسياناً وذهولاً عنها، فهذا لا له ولا عليه، لأنه لم ينو خيراً ولا فعل شراً، وتارة يتركها عجزاً وكسلاً عنها، بعد السعي في أسبابها والتلبس بما يُقرِّب منها، فهذا يتنزّل منزلة فاعلها، كما جاء في الحديث في الصحيحين عن النبي * أنه قال: (( إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار )). قالوا: يا رسول الله! هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: (( إنه كان حريصاً على قتل صاحبه )). وأما حديث: (( نية المؤمن خير من عمله )) فهو ضعيف، ذكر ذلك الحافظ في الفتح (٤/٢١٩)، وانظر السلسلة الضعيفة للألباني ~ (٢٧٨٩).
ـ قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: ١٦٢ ـ ١٦٣].
في هذه الآية الكريمة إخلاص العبادة لله وحده، ما كان منها بدنياً كالصلاة، وما كان منها مالياً كذبح بهيمة الأنعام تقرباً إلى الله - عز وجل -، وأن الحياة لله تعمر في عبادته وطاعته، وهي ميدان العمل الذي تُجنى ثماره، ويحصّل جزاؤه بعد الموت.


الصفحة التالية
Icon