والثاني: في حم (السجدة) قال فيه في شيطان الإنس: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: ٣٤]، وزاد هنا أن ذلك لا يعطاه كل الناس، بل لا يعطيه الله إلاّ لذي الحظ الكبير، والبخت العظيم عنده فقال: ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: ٣٥]، ثم قال في شيطان الجن: ﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [فصلت: ٣٦].
سورة الأنفال
ـ قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: ٦٤].
اختلف في المعطوف عليه قوله: ﴿ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾، فقيل: إنه معطوف على لفظ الجلالة، والمعنى: حسبك الله وحسبك أتباعك من المؤمنين، وقيل: معطوف على الكاف في قوله: ﴿ حَسْبُكَ ﴾، والمعنى: حسبك الله وحسْب أتباعك من المؤمنين. وقد عزا القرطبي الأول إلى الحسن والنحاس، وعزا الثاني إلى الشعبي وابن زيد، وأرجحهما الثاني؛ لأن الحسْب وهو الكافي لم يرد مضافاً إلاّ إلى الله - عز وجل -، فهو سبحانه وتعالى الكافي لنبيه *، وهو الكافي لأتباعه من المؤمنين، ولهذا قال في الآية قبلها: ﴿ وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِن حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: ٦٢]، فأضاف الحسْب إليه وحده، وجعل التأييد له بنصره وبتوفيقه المؤمنين لنصره.


الصفحة التالية
Icon